وكذلك أن كانت الطاقات إلى أحدهما فالحاصل ان ظهر البناء كله متنازع فلا يمكن جعله دليلا للحكم به لأحدهما. قال وإذا كان سفل الحائط لرجل وعلوه لاخر فأراد صاحب السفل أن يهدم السفل فليس له ذلك لان السفل فيه حق لصاحب العلو من حيث قرار بنائه عليه فلا يكون له أن يبطل حق الغير عن ملك نفسه وكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله ليس له أن يفتح فيه بابا ولا كوة ولا يدخل فيه جذعا لم يكن قبل ذلك الا برضاء صاحب العلو وعلي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله له أن يفتح ذلك إذا كأن لا يضر بصاحب العلو فإن كان شئ من ذلك يضر به لم يكن له أن يفعله وكذلك لم يحفر في سفله بئرا وكذلك لو أراد صاحب العلو أن يحدث على علوه بناء أو يضع عليه جذوعا أو يشرع فيه كنيفا لم يكن له ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله أضر بالسفل أو لم يضر وعندهما ان أضر بالسفل منع من ذلك أو لم يضر بالسفل لم يمنع * حجتهما ان كل واحد منهما إنما يتصرف في خالص حقه فلا يمنع من ذلك إلا أن يلحق الضرر بمن له فيه حق كالموصي له بالخدمة على الموصى له بالرقبة فإنه لا يمنع الموصي له بالرقبة من التصرف في ملكه الا ما يضر بالموصى له بالخدمة وأبو حنيفة رحمه الله يقول لصاحب العلو حق بناء قدر معلوم على بناء السفل وإذا أراد أن يزيد علي ذلك منع منه كما لو استأجر دابة ليحمل عليها حملا معلوما فليس له أن يحمل أكثر من ذلك وإن لم يضر بالدابة وكذلك صاحب العلو له حق في بناء السفل من حيث قرار علوه عليه وفتح الباب والكوة يوهن البناء وكذلك حفر البئر في ساحة السفل يوهن البناء فلا يكون له أن يفعل ذلك الا برضا صاحب العلو (ألا ترى) أن كل واحد منهما يمنع من التصرف الذي يضر بصاحبه فلو كان الملك لكل واحد منهما خالصا لم يمنع أحدهما من التصرف وان أدى إلى الاضرار بصاحبه كالجارين. قال وإذا كان الحائط بين رجلين فأقام رجل البينة على أحدهما انه أقر أن الحائط له قضيت له بحصته من الحائط لان ثبوت اقراره بالبينة كثبوته بالمعاينة واقرار أحد الشريكين في نصيب نفسه صحيح لان الاضرار فيه علي الشريك فلا فرق في حقه بين أن يشاركه في الحائط المقر أو المقر له فإن كان الحائط في يد رجل وله جذوع شاخصة فيه على دار رجل آخر فأراد أن يجعل الدار فكما لا يكون لغيره أن يحدث في ساحة داره عليه كنيفا فلصاحب الدار أن يمنعه من ذلك لان هواء الدار حق لصاحبها كساحة بناه بغير رضاه فكذلك لا يكون له احداث البناء في هواء داره بغير رضاه والجذوع الشاخصة نوع ظاهر يدفع به الاستحقاق فلا يستحق
(٩١)