في الحال دليل ظاهر على قيمتها فيما مضى والبناء على الظاهر واجب وعلى من يدعى خلاف الظاهر إقامة البينة فان أقام البينة أخذ بذلك إلا أن تقيم الورثة البينة على أن قيمتها يوم شهدا أكثر مما قال شهودهما فيؤخذ ببينة الورثة لما فيها من اثبات الزيادة. ولو شهدا ان الميت أوصى إلى هذا في تركته فقضى القاضي بذلك ثم رجعا لم يضمنا شيئا لأنهما ما أتلفا على الميت ولا على الورثة شيئا بشهادتهما إنما نصبا من يحفظ المال عليهم ويقوم التصرف فيه لهم وذلك غير موجب اتلاف شئ عليهم فان استهلك الوصي المال فهو ضامن لأنه كان أمانة في يده ولا ضمان على الشاهدين لأنهما لم يشهدا على استحقاق في علمه المال بعينه وإنما أتلف المال باستهلاك الوصي باختياره فيكون ضمانه عليه والله أعلم (باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة) (قال رحمه الله وإذا شهد شاهدان علي شهادة أربعة وشاهدان على شهادة شاهدين بحق فقضي به ثم رجعوا فعلى الشاهدين الذين شهدوا على شهادة الأربعة الثلثان وعلى الشاهدين الآخرين الثلث في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله الضمان علي الفريقين نصفين) لان شهادة كل فريق على شهادة غيره في حكم الضمان عند الرجوع بمنزلة شهادته على شهادة نفسه (ألا ترى) ان الاتلاف يحصل بشهادة كل فريق إذا انفرد سواء شهد على شهادة نفسه أو على شهادة غيره وسواء شهد على شهادة شاهدين أو شهادة أربعة فلما استويا في علة الاتلاف يستويان في الضمان عند الرجوع وهذا لان شهادة الاثنين على شهادة الأربعة أضعف من شهادتهما على الحق بعينه لأنهما في الشهادة على الحق بعينه يشهدان على معاينة وفي الشهادة على شهادة الأربعة يشهدان عن خبر ثم لو شهدا على الحق بعينه وشهد آخران كذلك ثم رجعوا كان الضمان على الفريقين نصفين كذا هنا وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله قال اللذان شهدا على شهادة الأربعة في الصورة اثنان وفي المعنى أربعة لان القضاء يكون بشهادة الأصول لا بشهادة الفروع ولهذا يعتبر عدالة الأصول وهذا لان الفروع ينقلون شهادة الأصول إلى مجلس القاضي فكان الأصول حضروا بأنفسهم وشهدوا وإذا ثبت هذا كان بمنزلة ما لو شهد أربعة على الحق واثنان على الحق ثم رجعوا جميعا بعد القضاء فيكون الضمان عليهم أسداسا ثم ما يجب على الأربعة لو حضروا وشهدوا يقضى به على من
(١٩)