القاضي برقه فذلك الضمان يكون للمولى لأنه محكوم بأنه عبده فماله يكون لمولاه والمولى يكذبهما في الرجوع بخلاف مسألة المكاتب فهناك إنما يضمنان المال للمشهود عليه لا لمولاه وهو مصدق لهما في الرجوع. ولو شهدا على رجل انه أعتق عبده على خمسمائة وقيمته ألف درهم فأعتقه القاضي ثم رجعا فالمشهود عليه مخير ان شاء ضمن الشاهدين الألف ويرجعان على العبد بخمسمائة لأنهما قاما مقام المولى في ذلك وان شاء رجع على العبد بخمسمائة وأيهما ما اختار ضمانه لم يكن له أن يرجع على الآخر بعد ذلك بشئ أبدا بمنزلة الغاصب مع غاصب الغاصب إذا اختار المغصوب منه تضمين أحدهما والله أعلم بالصواب (باب الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث) (قال رحمه الله وإذا ادعى رجل انه ابن رجل والأب يجحد فأقام البينة انه ابنه ولد على فراشه وأنه وارثه فقضى بذلك ثم رجعوا عن شهادتهم فلا ضمان عليهم) لأنهم لم يشهدوا عليه بمال إنما ألزموه النسب بشهادتهم والنسب ليس بمال ولا يدرى أيهما يموت قبل الآخر فيرثه الآخر وكذلك لو أقام شاهدين أن هذا مولاه أعتقه وهو يملكه وقال المشهود عليه أنا حر الأصل ثم رجعوا بعد القضاء بشهادتهم لم يضمنوا شيئا لأنهم ألزموه الولاء بشهادتهم والولاء كالنسب ليس بمال ولو مات فورثه ثم رجعوا عن شهادتهم لم يضمنوا شيئا أبدا لان شهادتهم بالنسب أو الولاء كانت في حال الحياة وذلك لا يكون شهادة بالميراث وهذا لان استحقاق الميراث بالنسب والموت جميعا فكان حكما متعلقا بعلة ذات وصفين فإنما يحال به على آخر الوصفين وجودا لان العلة تتم به وثبوت الحكم باعتبار كمال العلة وهذا بخلاف ما إذا شهد واحد ثم آخر فقضى القاضي ثم رجعا فإنهما يضمنان ولا يحال بالاتلاف على شهادة الثاني لان الشهادة لا توجب شيئا بدون القضاء وإنما يقضى القاضي بشهادتهما جميعا فهو وما لو شهدا معا سواء وهنا السبب قد ثبت قبل الموت ثم الموت لم يكن مشهودا به واستحقاق الميراث به لأنه آخر الوصفين وجودا ولو شهدا على رجل أنه ابن هذا القتيل لا وارث له غيره والقاتل يقر أنه قتله عمدا يقضي القاضي بالقصاص وقتله الابن ثم رجعوا عن شهادتهم فلا ضمان عليهم في القصاص لان القصاص ليس بمال فلا يضمنونه للورثة المعروفين وان أتلفوه بشهادتهم عليهم كما لو شهدوا بالعفو عن القصاص على المولى يضمنون كل مال ورثه هذا الابن من القتيل لورثته
(١٦)