المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٦
دينه في تركة المبيت وهذا مال الميت ولان الإبل محبوسة في يده إلى أن يرد عليه ما أنفق بأمر القاضي أو بما عجل من الكراء فلا يتمكن القاضي من أخذها وبيعها حتى يرد عليه ما بقي له فلهذا قبل بينته على ذلك ونفذ قضاؤه على الورثة مع غيبتهم وان استأجر أرضا فغلب عليها الماء أو أصابها نزلا تصلح معه الزراعة فهذا عذر لأنه تعذر استيفاء المعقود عليه وكذلك أن أراد أن يترك الزرع أو افتقر حتى لا يقدر على ما يزرع فهذا عذر لان الزارع في الحال متلف لبذره ولا يدرى أيحصل الخارج أم لا وقد بينا أنه إذا كأن لا يتمكن من ايفاء العقد الا باتلاف ماله فهو عذر له وان وجد أرضا أرخص منها أو أجود لم يكن هذا عذرا لأنه بالفسخ يقصد هنا تحصيل الربح لا دفع الضرر وان مرض المستأجر فإن كان هو الذي يعمل بنفسه فهذا عذر لأنه تعذر عليه استيفاء المعقود عليه وإن كان إنما يعمل اجراؤه فليس هذا عذر البقاء يمكنه من استيفاء المعقود عليه كما قصده بالعقد وان كانت الأرض ليتيم أجرها وصيه فكبر اليتيم لم يكن له ان يفسخ الإجارة لان عقد الوصي على ماله كعقده على نفسه ولا ضرر عليه في ايفاء الإجارة بعد بلوغه بخلاف ما إذا كان أجر نفسه فان ذلك كد وتعب وهو يتضرر بإيفاء العقد بعد بلوغه وإذا استأجر عبدا لخدمة أو لعمل آخر فمرض العبد فهذا عذر في جانب المستأجر ولأنه يتعذر عليه استيفاء المعقود عليه وان أراد رب العبد ذلك لم يكن له ذلك لأنه لا ضرر عليه في ايفاء العقد فالمستأجر لا يكلفه من ايفاء العمل الا بقدر طاقته وهو يرضي بذلك وإن كان ذلك دون حقه وإن لم يفسخها واحدا منهما حتى بدأ العبد فالإجارة جائزة لازمة لزوال العذر ويطرح عنه من الاجر بحساب ذلك وهو ما يتعطل وكذلك أن أبق العبد أو كان سارقا فللمستأجر أن يفسخ الإجارة اما لتعذر استيفاء المعقود عليه أو لضرر يلحقه في ذلك وليس لمولى العبد فسخها لأنه لا ضرر عليه في ايفاء العقد فوق ما التزمه بالعقد ولو أراد المستأجر أن يسافر ويترك ذلك العمل فهو عذر لأنه لا يتعذر عليه الخروج إلى السفر لحاجته ولا يمكنه أن يستصحب العبد إذا خرج وان أراد رب العبد أن يسافر به لم يكن له هذا عذر لأنه لا يلحقه من الضرر فوق ما التزمه بالعبد وهو ترك العبد في يد المستأجر إلى انتهاء المدة وان وجد المستأجر أجيرا أرخص منه لم يكن هذا عذرا لان في هذا تحصيل الربح لا دفع الضرر وإن كان العبد غير حاذق بذلك العمل لم يكن للمستأجر أن يفسخ الإجارة لان صفة الجودة لا تستحق بمطلق العقد إلا أن يكون عمله فاسدا فله أن يفسخ حينئذ لان صفة السلامة عن
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست