المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٣٩
القضاة جائزة لان ذلك يثبت مع الشبهات وتقبل فيه شهادة النساء مع الرجال فكذلك الشهادة على الشهادة وان شهد شاهدان على شهادة شاهدين أن قاضي كذا ضرب فلانا حدا في قذف فهو جائز لان المشهود به فعل القاضي لا نفس الحد وفعل القاضي مما يثبت مع الشبهات وإنما الذي يندرئ بالشبهات الأسباب الموجبة للعقوبة وإقامة القاضي حد القذف ليست بسبب موجب للعقوبة فان (قيل) أليس أن إقامة الحد مسقطة لشهادته عندكم بطريق العقوبة (قلنا) ولكن رد شهادته من تمام حده فيكون سببه هو السبب الموجب للحد وهو القذف إلا أنه يترتب عليه ليكون متمما له فلا يظهر قبله فاما في الحقيقة القذف مع العجز عن أربعة من الشهداء يوجب جلدا مؤلما ويبطل شهادته بناء عليه وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهد وقد خرس المشهود على شهادته أو عمى أو ارتد أو فسق أو ذهب عقله لم تجز الشهادة على شهادته وإن كان الفرعيان عدلين لان القضاء إنما يكون بشهادة الأصول فاما الفرعي ينقل إلى مجلس القاضي بعبارته شهادة الأصول فكأن الأصلي حضر بنفسه وشهد ثم ابتلى بشئ من ذلك قبل قضاء القاضي فكما لا يجوز للقاضي أن يقضى بشهادته هناك لأنه لو قضى بها كان قضاء بغير حجة فكذلك هنا وشهادة أهل الذمة على المستأمنين جائزة بخلاف شهادة المستأمنين على أهل الذمة لان الذمي من أهل دارنا حتى لا يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب بخلاف المستأمن فشهادة الذمي على المستأمن كشهادة المسلم على الذمي وشهادة المستأمن على الذمي كشهادة الذمي على المسلم وشهادة المستأمنين بعضهم على بعض تقبل إذا كانوا من أهل دار واحدة وان كانوا من أهل دارين كالرومي والتركي لا تقبل لان الولاية فيما بينهم تنقطع بخلاف المنعتين ولهذا لا يجرى التوارث بينهم بخلاف دار الاسلام فإنها دار حكم فيه اختلاف المنعة لا يختلف بالدار فاما دار الحرب ليس بدار أحكام فيه اختلاف المنعة تختلف بالدار وهذا بخلاف أهل الذمة فإنهم صاروا من أهل دارنا فتقبل شهادة بعضهم على بعض وان كانوا من منعاة مختلفة فاما المستأمون ما صاروا من أهل دارنا ولهذا يمكنون من الرجوع إلى دار الحرب ولا يمكنون من إطالة المقام في دار الاسلام (قال) ومن ترك من المسلمين الصلوات في الجماعة والجمع مجانة لم تقبل شهادته لأنه مرتكب لما يفسق به ولان الجماعة من أعلام الدين فتركها ضلالة (ألا ترى) أن عمر رضي الله عنه قال يوما لأصحابه قد خرج من بيننا من كان ينزل عليه الوحي وخلف فيما بيننا علامة يميز بها المخلص من المنافق وهي الجماعة فكل من لقيناه في
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست