المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٣٩
ذبح تلك الشاة ثم ذبح شاة أخرى بعدها فظن أن تلك التسمية تكفيه لا يحل والسهم إذا أصاب ذلك الصيد وغيره أو أخذ الكلب في فوره ذلك الصيد وغيره حل الأكل وجهله ليس نظير النسيان. ألا تري أن الجهل بالحكم لا يمنع حصول الفطر بخلاف النسيان وكذلك لو نظر إلى قطيع من الغنم وأخذ السكين وسمى ثم أخذ شاة منها وذبحها بتلك التسمية لا يحل وكذلك لو أرسل كلبه على جماعة من الصيود وسمى فأخذ أحدهما يحل لان التعيين في الاصطياد ليس في وسعه والتعيين في الذبح في وسعه. قال (ولو أرسل كلبه ولم يسم عمدا ثم زجره وسمى فانزجر وأخذ الصيد لم يحل) لان إرساله مع ترك التسمية عمدا فعل محرم فلا ينسخ الا بما هو مثله أو فوقه والزجر دون الارسال بخلاف ما إذا اتبع الصيد بغير إرسال صاحبه ثم زجره صاحبه وسمى فان انزجر بزجره وأخذ الصيد حل لان اتباعه لم يكن فعلا معتبرا فان فعل العجماء غير معتبر إذا لم يكن بناء على إرسال آدمي فكان زجره بمنزلة ابتداء الارسال وقد اقتربت التسمية به وعلى هذا الأصل إذا أرسل المسلم كلبه علي صيد فزجره مجوسي فانزجر بزجره لم يضره لان الارسال من المسلم فعل موجب للحل فلا يرتفع الا بما هو مثله والزجر دون الارسال فلا يتغير به الحكم الثابت بالارسال ولو كان المجوسي هو الذي أرسل لم ينفعه زجر المسلم لان فعل المجوسي يحرم فلا يرتفع بزجر المسلم إياه لأنه دونه فأما إذا انبعث الكلب والبازي علي أثر الصيد بغير إرسال ثم زجره صاحبه فإن لم ينزجر بزجر صاحبه لم يحل الصيد لأنه لا أثر لفعل المسلم فيأخذه وبدون الارسال لا يحل وان انزجره بزجر في القياس لا يحل أيضا لان زجره ليس بارسال فان الارسال يكون من يده ولم يكن في يده حين زجره وبدون الارسال لا يحل صيد الكلب ولكنه استحسن ذلك فقال لما انزجر بزجره يجعل ذلك بمنزلة ابتداء الارسال والصياد قد يبتلى بهذا لان الكلب ربما يرى الصيد ولا يراه صاحبه فلو انتظر إرساله فإنه فينبعث على أثره وينظر إلى صاحبه ليزجره حتى إذا زجره كان بالقرب من الصيد فيتمكن من أخذه ثم انبعاثه لم يكن فعلا معتبرا فالحاجة إلي ابتداء الفعل لا إلى فسخ الفعل ولما انزجر بزجره جعل هذا ابتداء فعله بخلاف الأول فالحاجة هناك إلى فسخ فعل معتبر والفسخ لا يصلح لذلك وهو نظير ما قلنا فيمن حفر بئرا في الطريق فألقى انسان حجرا على شفيره فيعثر انسان في الحجر حتى هوى في البئر فالضمان على الملقى وبمثله لو ثنى حجرا من (16 مبسوط حادي عشر)
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست