فعرفنا أنه يبنى على ما يظهرون ثم إنا أمر نا بالتسمية عند الذبح مخالفة للمشركين لأنهم كانوا يسمون آلهتم عند الذبح ومخالفتهم واجبة علينا فالتسمية عند الذبح تكون واجبة أيضا بخلاف الطبخ والأكل فإنهم ما كانوا يسمون آلهتهم عند ذلك فالامر بالتسمية عند ذلك ندب و كذلك عند الوصف فالامر بالتسمية عند الوصف لم يكن لمخالفتهم فكان ندبا ألا ترى ان في حالة النسيان تقام ملته مقام التسمية كما قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما لمعنى التخفيف وهذا التخفيف يستحقه الناسي دون العامد ولان العامد معرض عن التسمية فلا يجوز أن يجعل مسميا حكما بخلاف الناسي فإنه غير معرض بل معذور والفرق بين المعذور وغير المعذور أصل في الشرع في الذبح وغير الذبح ألا ترى أن في اعتبار الذبح في المذبح يفصل بين المعذور وغيره وفى الأكل في الصوم يفصل بين الناسي العامد ولا يعتبر بالمأمور والمزجور فالاكل في الصلاة مزجور ثم سوى فيه بين النسيان والعمد والجماع في الاحرام كذلك ولكن متى اقترن بحالة ما يذكره كهيئة المحرمين والمصلين لا يعذر بالنسيان ومتى لم يقترن بحالة ما يذكره يعذر بالنسيان كالصوم وهنا لم تقترن بحالة ما يذكره وقد يذبح الانسان الطير وقلبه مشتغل بشغل آخر فيترك التسمية ناسيا وعليه يحمل الحديث على أنه اذبح على اسم الله تعالى إذا كان ناسيا غير معرض بدليل انه ذكر في بعض الروايات وان تعمد لم يحل وحديث عائشة رضى الله تعالى عنها دليلنا لأنها سألت عن الأكل عند وقوع الشك في التسمية فذلك دليله علي أنه كان معروفا عندهم أنه كان معروفا عندهم أن التسمية من شرائط الحل وإنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل بناء على الظاهر أن المسلم لا يدع التسمية عمدا كمن اشترى لحما في سوق المسلمين يباح له التناول بناء على الظاهر وإن كان يتوهم أنه ذبيحة مجوسي * ثم التسمية في الذبح تشترط عند القطع وفى الاصطياد عند الارسال والرمي لان التكليف بحسب الوسع وفى وسعها التسمية عند الرمي وليس في وسعه التسمية عند الإصابة فتقام التسمية عند الارسال والرمي مقامه كما يقام الجرح في المتوحش مقام الذبح في المذبح في الأهلي ولان التسمية تقترن بفعله والقطع من فعله وفي الاصطياد فعله الارسال والرمي وعلى هذا لو أضجع شاة وأخذ السكين وسمى ثم تركها وذبح شاة أخرى وترك التسمية عليها لا يحل ولو رمى سهما إلى صيد وسمى فأصاب صيدا آخر أو أخذ سكينا وسمى ثم تركها وأخذ سكينا أخرى أو أرسل كلبه إلى صيد وسمى وترك ذلك الصيد وأخذ غيره حل وكذلك لو
(٢٣٨)