المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٤١
لا يحل ولكنا نقول الشرط ما في وسعه اتخاذه وهو الارسال فأما التعيين ليس في وسعه لأنه لا يمكنه ان يعلم البازي والكلب على وجه لا يأخذ الا ما يعينه ولان التعيين غير مفيد في حقه ولا في حق الكلب فان الصيود كلها فيما يرجع إلى مقصوده سواء وكذلك في حق الكلب فقصده إلى أخذ كل صيد يتمكن من أخذه وعلامة علمه إمساكه على صاحبه بترك الأكمل وما ليس بمفيد لا يعتبر شرعا فسواء أخذ ذلك الصيد أو غيره حل. قال (فان قتل واحدا وجثم عليه طويلا ثم مر به صيد آخر فأخذه لم يؤكل) لان فور الارسال قد انقطع حين جثم على الأول طويلا فقد انعدم إرسال صاحبه في حق الصيد الثاني وهو شرط في الحل (فان قيل) كيف يكون فعله ناسخا لارسال صاحبه (قلنا) إنما جثم على ذلك الصيد بناء على إرسال صاحبه ليأتيه فيأخذه منه فذلك بمنزلة فعل صاحبه ولو منعه انقطع به حكم الارسال مع أن فعل العجماء معتبر في نسخ حكم فعل الآدمي به كمن أرسل دابة في الطريق فتركت سنن الارسال وذهب يمنة أو يسرة فأتلفت مالا لم يجب الضمان علي المرسل بخلاف ما لو ذهبت على سنن الارسال. قال (وان وصل إليه صاحبه والصيد حي فأخذه فلم يذبحه حتى مات لم يؤكل) أما إذا تمكن من ذبحه فلا شك فيه لأنه ترك ذكاة الاختيار مع القدرة عليه وأما إذا لم يتمكن من ذلك فإن كان لفقد الآلة فكذلك الجواب لان التقصير من قبله حيث لم يحمل آلة الذكاة مع نفسه وإن كان لضيق الوقت فكذلك الجواب عندنا (وقال) الحسن بن زياد ومحمد بن مقاتل رحمهما الله تعالى يحل استحسانا وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى لان ذكاة الاضطرار بدل عن ذكاة الاختيار وما لم يقدر على الأصل لا يسقط حكم البدل كالمتيمم إذا وجد الماء وبينه وبين الماء سبع أو عدو وهنا لم يقدر على الأصل فبقي ذكاة الاضطرار موجبا للحل ولكنا نقول ذكاة الاضطرار إنما تعتبر فيما إذا لم يقع في يده حيا وهذا قد وقع في يده حيا فسقط اعتبار ذكاة الاضطرار فيه وألحق بما كان في يده كالشاة والبعير إذا سقط فلم يتمكن من ذبحه في المذبح لضيق الوقت فجرحه فمات لم يحل فهذا مثله وهذا كله إذا كان يتوهم بقاؤه حيا مع الجرح الذي جرحه الكلب فأما إذا شق بطنه فأخرج ما فيه ثم وقع في يد صاحبه حيا فمات حل تناوله لأنه استقر فعل الذكاة قبل وقوعه في يده وما بقي فيه اضطراب المذبوح فلا يعتبر كمن ذبح شاة فاضطربت ووقعت في الماء بعد قطع الحلقوم والأوداج لم يحرم بذلك لهذا المعنى وقيل هذا قول أبى يوسف
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست