الموجبة للحرمة ثم لا حجة في حديث الحبر رضي الله تعالى عنه فان معنى قوله صلى الله عليه وسلم كل من سمين مالك أي بعه واستنفق ثمنه فقد يقال فلان أكل عقاره والمراد هذا وقال القائل ان لنا أحمرة عجافا * يأكلن كل ليلة إكافا والمراد ثمن الا كاف وما نقلوه عن ابن عباس رضي الله عنهما لا يكاد يصح عنه والمشهور عنه أنه حرم الخيل والبغال والحمير فاستدل لذلك بالآية لتركبوها وزينة على ما تبين وعائشة رضي الله عنها استدلت بعام دخله الخصوص بالاتفاق وقد ثبت النهى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحم الحمار فكان دليل الخصوص في هذا العام واعتبار الأهلي بالوحشي ساقط فإنه لا مشابهة بينهما معنى والمشابهة صورة لا تكون دليل الحل وقد صح في الأثر ان النبي صلى الله عليه وسلم أباح تناول الحمار الوحشي كما روى أن أعرابيا اهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا عفيرا أو رجل حمار وحشي فأمر أبا بكر رضى الله تعالى عنه أن يقسمه بين الرفاق * ثم كما ورد الحديث بالأمر بالاكفاء للقدر في لحم الحمار فقد ورد مثله في الضب وهو حديث عبد الرحمن بن حسنة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فاصابتنا مجاعة ونزلنا في أرض كثيرة الضباب فأخذناها وان القدور لتغلى بها فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكفاء القدور ومعلوم أن تضييع المال لا يحل فعرفنا أن الامر باكفاء القدور في الموضعين للحرمة (وعن) أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الحريث قال كنا إذا نتجت فرس أخذنا فلوا ذبحناه وقلنا الامر قريب فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فكتب الينا أن لا تفعلوا فان في الامر تراخى. وبهذين الحديثين يستدل من يرخص في لحم الخيل فإنهم كانوا يذبحونه لمنفعة الأكل وهو قول أبى يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى فإنه كان يكره لحم الخيل فظاهر اللفظ في كتاب الصيد يدل على أن الكراهة للتنزيه فإنه قال رخص بعض العلماء رحمهم الله في لحم الخيل فأما أنا فلا يعجبني أكله وما قال في الجامع الصغير أكره لحم الخيل يدل على أنه كراهة التحريم فقد روى أن أبا يوسف رحمه الله تعالى قال لأبي حنيفة رحمه الله إذا قلت في شئ أكرهه فما رأيك فيه قال التحريم ثم من أباحه استدل بالتعامل الظاهر ببيع لحم الخيل في الأسواق من غير نكير منكر ولان سؤره طاهر على الاطلاق وبوله بمنزلة بول ما يؤكل لحمه فعرفنا أنه مأكول كالانعام وان
(٢٣٣)