ان في الابتداء لو كان رأس مالهما علي التفاوت يجوز الشركة ويصير رأس المال بينهما نصفين فكذلك في الانتهاء ولكنا نقول لابد للملك من سبب وسبب الإرث القرابة وذلك غير موجود في حق الشريك ولا يمكن جعل الوراث مملكا نصفه من شريكه بعقد الشركة لان تمام سبب الملك له بعد موت المورث والتمليك لا يسبق سببه لان كل واحد منهما يجعل كالوكيل عن صاحبه فيما يحتمله ويجوز الميراث يدخل في ملك الوراث بغير صنعه فلا يجوز أن يكون نائبا عن شريكه فيه وكذلك الصدقة فان مع إضافة موجب العقد إليه لا يمكن جعله نائبا عن شريكة. قال (ولا يفسد ذلك المفاوضة إلا أن يكون دراهم أو دنانير وقد قبضه) معناه لم يكن دينا وهذا بناء على ما بينا انه متى اختص أحدهما بملك مال يصلح أن يكون رأس مال الشركة ينعدم به موجب المفاوضة فتبطل المفاوضة. قال (وكل وديعة كانت عند أحدهما فهي عند هما جميعا) لأنهما بعقد المفاوضة صار الشخص واحدا فيما يلتزمه كل واحد منهما بسبب هو من صنيع التجارة ويقول الوديعة من جملة ذلك فان مات المستودع قبل أن يبين لزمهما جميعا لان المودع إذا مات مجهلا للوديعة يصير متملكا للوديعة فهذا ضمان ما أوجب بتملك أحدهما ما يحتمل الشركة فيكون ملزما صاحبه (فان قيل) وجوب هذا الضمان بعد الموت ولا مفاوضة بينهما بعد الموت (قلنا) لا كذلك ولكنه لما أشرف على الموت وقد عجز عن البيان قد تحقق التجهيل وصار ذلك دينا عليه قبل موته. فان قال الحي ضاعت في يد الميت قبل موته لم يصدق لأنه لا عقد بينهما بعد موت أحدهما وإنما يجعل قول أحدهما كقول صاحبه بسبب العقد القائم بينهما ولان المودع بنفسه بعد ما صار ضامنا بالجحود ولو زعم أنه ان هلك في يده لم يصدق فكذلك قول شريكه في ذلك لان قول المرء مقبول فيما هو أمين فيه لنفى الضمان عنه فأما في اسقاط الضمان الواجب عليه غير مقبول وإن كان الحي هو المستودع صدق لأنه ما صار متملكا ولا ضامنا للوديعة ما دام حيا بعد موت شريكه فإنه قادر على ما التزمه فلهذا كان قوله مقبولا (فان قيل) أليس ان كل واحد منهما فيما يلزمهما مقبول الوديعة مثل صاحبه (قلنا) نعم ولكن التمليك عند الموت باعتبار اليد لان الأيدي المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك والوديعة في يد المودع حقيقة لا في يد شريكه (وان قال أكلتها قبل موت صاحبي لزمه الضمان خاصة ولم يصدق علي صاحبه) لان وجوب الضمان عليه باقراره وعند الاقرار لا مفاوضة بينهما وهو في الانتهاء غير مصدق في حق صاحبه الا ان
(١٩٠)