المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٨٥
يده بينهما نصفان أو هو من شركتهما فقد صرحا بالشهادة للمدعى بملك نصف ما في يد ذي اليد وان قالا هو مفاوضة فمقتضى المفاوضة هذا وهو أن يكونا مستويين في ملك المال شريكين فيه فإذا قضى القاضي بذلك ثم ادعى ذو اليد عينا مما في يده انه ميراث له وأقام البينة على ذلك لم تقبل بينته في قول أبى يوسف رحمه الله. وقال محمد رحمه الله إن كان شهود المدعى شهدوا بأنه مفاوضة فبينة ذي اليد مقبولة وان شهدوا ان المال الذي في يده من شركتهما أو هو بينهما فلا تقبل بينة ذي اليد بعد ذلك * واحتج في ذلك فقال القاضي يقضي بما شهد به الشهود فإذا شهدوا بمطلق المفاوضة قضى القاضي بذلك أيضا ومطلق المفاوضة لا ينفى احتمال كون بعض ما في يده ميراثا له. ألا ترى ان العقد لو كان ظاهرا بينهما وورث أحدهما ما لا يصلح أن يكون رأس مال في الشركة كان ذلك له خاصة وتبقى المفاوضة بينهما إلا أنا إنما نجعل جميع ما في يده بينهما نصفين لاعتبار مقتضى المفاوضة وهذا ظاهر نعتبره والظاهر يسقط اعتباره إذا قام الدليل بخلافه فإذا أقام البينة على عين انه ميراث له فقد ظهر الدليل المانع من اعتبار الظاهر في هذا العين فيجب العمل بذلك الدليل بخلاف ما إذا شهدوا بالشركة فيما في يده لان القاضي قضي بالشركة بدليل موجب لذلك فإقامة البينة بعد ذلك على عين انه ميراث يتضمن ابطال حكم الحاكم وبينة المقضى عليه على ابطال القضاء لا تكون مقبولة والدليل على الفرق بين حالة الاطلاق والبيان ان شاهدين لو شهدا بدار في يد رجل لإنسان وقضى القاضي بذلك ثم زعم المدعى ان البناء كان ملك المقضى عليه فإنه لا يبطل قضاء القاضي بالأرض له ولو كان الشهود شهدوا له بالبناء والأرض مفسرا ثم أقر المدعى ان البناء للمدعى عليه يكون ذلك إكذابا منه لشهوده ويبطل به قضاء القاضي له والفرق ما بينا ان البناء تبع فاستحقاقه في الفصل الأول باعتبار الظاهر إلى استحقاقه الأصل وعند التفسير والبيان استحقاقه البناء بالحجة فإذا أكذب شهوده في ذلك بطلت شهادتهم له. وجه قول أبى يوسف رحمه الله ان ذا اليد صار مقضيا عليه بنصف ما في يده لصاحبه وبينة المقضى عليه في اثبات الملك لا تقبل إلا أن يدعى تلقى الملك من جهة المقضى له كما لو كانت الشهادة مفسرة وهذا لان الأسباب غير مطلوبة لأعيانها بل لاحكامها والمفاوضة سبب وحكمها الشركة في المال. ألا ترى ان دعوى المفاوضة لا تصح بدون دعوى الشركة في المال فكذا في الشهادة عليها إنما تقبل باعتبار الحكم ولا فرق بين أن يصرح الشاهد بالحكم
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست