المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٨٩
في المال تصح المفاوضة فلعل الشهود ممن يعتمدون ذلك ففسروا بناء على اعتقادهم ولكن القاضي يبنى ما ثبت عنده على اعتقاده لا على اعتقاد الشهود فتبين بهذا الفعل ضعف كلام محمد رحمه الله في الفرق بين ما إذا فسر الشهود أو أبهموا فان تفسير هم لما لم يعتبر في قبول شهادتهم على المفاوضة فكذلك لا يعتبر تفسيرهم في المنع من قبول بينة أحدهما على متاع في يده انه ميراث بل المبهم والمفسر في ذلك سواء وكذلك لو كان المدعى ميتا وأقام وارثه البينة على مثل ذلك لأنه خليفة مورثة قائم مقامه. قال (وإذا افترق المتفاوضان فأقام أحدهما البينة أن المال كله كان في يد صاحبه وان قاضي كذا قد قضى بذلك عليه وقسموا المال وانه قضى به بينهما نصفين وأقام الآخر البينة بمثل ذلك القاضي بعينه أو من غيره فإن كان ذلك من قاض واحد وعلمنا التاريخ من القضائين أخذنا بالآخر وهو رجوع عن الأول) لأنه عالم بقضاء نفسه فإنما يقضي ثانيا بخلاف ما قضى به أولا إذا تبين له الخطأ في القضاء الأول فلهذا جعلنا الثاني نقضا للأول وهو كما لو تباينا بألف ثم تبايعا بمائة دينار يجعل الثاني نقضا للأول وإن لم يعلم التاريخ بينهما أو كان القضاء من قاضيين لزم كل واحد منهما القضاء الذي لا نعده عليه لان كل واحد منهما صحيح ظاهر وانه قضى بالحجة ممن له ولاية القضاء فلا يجوز ابطاله بالشك إذ ليس أحدهما بالابطال أولى من الآخر (وإذا كان من قاضيين وكل واحد منهما لا يملك نقض قضاء الآخر ولا يقصد ذلك أنما يقضى كل واحد منهما بما شهد عنده الشهود به ولا منافاة بينهما) لجواز أن يكون في يد كل واحد منهما بعض مال الشركة فظن كل فريق ان ذلك جميع مال الشركة فيحاسب كل واحد منهما صاحبه بما عليه ويترادان الفضل. قال (ولا يلزم المفاوض ما على شريكه من مهر أو أرش جناية) لان كل واحد منهما ملتزم لما وجب لطريق التجارة والنكاح ليس بتجارة فلمهر الواجب به لا يكون واجبا بسبب التجارة ولأنه بدل مما لا يحتمل الشركة وكفالة كل واحد منهما عن صاحبه بدين هو بدل ما يحتمل الشركة حتى يكون منفعة مباشرة بسبب الالتزام لهما وأرش الجناية واجب بطريق العدوان دون التجارة فهو بدل مالا يحتمل الشركة بينهما والدليل علي الفرق ان اقرار المأذون بالمهر وأرش الجناية غير صحيح في حق المولى بخلاف اقراره بديون التجارة. قال (ولا يشارك أحدهما صاحبه فيما يرث من ميراث ولا جائزة يجيزها السلطان له أو هبة أو هدية) إلا عند ابن أبي ليلي رحمه الله فإنه يقول مقتضي الشركة المساواة وقد بقيت الشركة بينهما فيثبت ما هو مقتضاها وهو بناء علي مذهبه
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست