المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٩١
يقيم البينة انه أنفقها في حياة الميت والثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة فيكون عليهما وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعند أبي يوسف هو عليه خاصة. وأصل المسألة إذا وجب على أحدهما ضمان بغصب أو استهلاك ما فعند أبي يوسف رحمه الله هذا نظير أرش الجناية لأنه واجب بسبب ليس بتجارة ولأنه بدل المستهلك والمستهلك لا يحتمل الشركة وهما قالا ضمان الغصب الاستهلاك ضمان تجارة بدليل صحة اقرار المأذون به وكونه مؤاخذا به في الحال وهذا لأنه وبدل مال محتمل للشركة وإنما يجب بأصل السبب وعند ذلك المحل قابل للملك ولهذا ملك المغصوب والمستهلك بالضمان. قال (وإذا أودع أحد المتفاوضين من مالهما وديعة عند رجل فادعى المستودع أنه قد ردها إليه أو إلي صاحبه فالقول قوله مع يمينه) لأنه مسلط على الرد على كل واحد منهما أمين فيه فإنه كما يقوم أحدهما مقام صاحبه في الايداع فكذلك في الاسترداد فلهذا كان القول قول المودع مع يمينه فان جحد الذي ادعي عليه ذلك لم يضمن لقوله لشريكه شيئا لان قول المودع مقبول في براءة نفسه عن الضمان لا في وصول المال إلى من أخبر بدفعه إليه ألا ترى ان المودع لو كان وصيا فادعى المودع الرد عليه لا يغرم الوصي لليتيم شيئا وكذلك لو أمره أن يقضى بالوديعة دينه فقال قد فعلت وقال صاحب الدين ما قضيت شيئا فالقول قول المودع في براءته ودين الطالب علي المودع بحاله ولكن يحلف الشريك الذي ادعى المودع الرد إليه بالله ما قبضته لان شريكه يدعى عليه ضمان نصيبه بجحوده القبض ولو أقر بذلك لزمه فإذا أنكر حلفه عليه (وكذلك) لو مات أحدهما ثم ادعى المستودع انه كان دفعه إلى الميت منهما لأنه بقي أمينا بعد موته ألا ترى ان قوله في الرد مقبول في حق ورثة المودع فكذلك في حق شريكه ثم يستحلف الورثة على العلم لان المورث لو كان حيا وأنكر القبض استحلف لشريكه فكذلك بعد موته إلا أنه إذا كان حيا فإنما يستحلف علي فعل نفسه والورثة يستحلفون على فعل المورث بالقبض فقد بينا ان الاستحلاف على فعل الغير يكون على العلم فان ادعى انه دفعه إلى ورثة الميت فكذبوه وحلفوا انهم ما قبضوه فهو ضامن لنصف حصة الحي من ذلك لان في نصيب الميت كان له حق الدفع إلي ورثته وقد أخبر بأداء الأمانة في ذلك فأما نصيب الحي فليس له أن يدفعه إلى ورثة الميت لأنهم خلفاء الميت في حقه خاصة ولان المفاوضة قد انقضت بالموت فهو في نصيب الحي مقر بوجوب الضمان له على نفسه يدفعه إلى ورثة الميت ثم يكون ذلك النصف بين الحي وورثة الميت نصفين (13 مبسوط حادي عشر)
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست