بالطلع يجوز كيف ما كان وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا البسر فأكل منه بعد ما صار رطبا لان البسر عينه مأكول ولان الرطب وإن كان من جنس البسر إلا أن الانسان قد يمتنع من تناول البسر ولا يمتنع من تناول الرطب والأصل أنه متى عقد يمينه على عين بوصف يدعو ذلك الوصف إلى اليمين يتقيد اليمين ببقاء ذلك الوصف وينزل منزلة الاسم ولهذا لو حلف لا يأكل من هذا الرطب فأكله بعد ما صار تمرا لم يحنث لان صفة الرطوبة داعية إلى اليمين فقد يمتنع الانسان من تناول الرطب دون التمر وهذا بخلاف ما لو حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ يحنث لان صفة الشباب ليست بداعية إلى اليمين وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا الحمل فأكله بعد ما كبر يحنث لان الصفة المذكورة ليست بداعية إلى اليمين ولو حلف لا يأكل من هذا السويق فشربه لم يحنث لان الشرب غير الأكل فان الله تعالى قال كلوا واشربوا والشئ لا يعطف على نفسه وقد بينا حد كل واحد من الفعلين وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا اللبن فشربه أو حلف لا يشربه فأكله لم يحنث وأكل اللبن بأن يثرد فيه الخبز وشربه أن يشربه كما هو ولو تناول شيئا مما يصنع منه كالجبن والأقط لم يحنث لان عينه مأكول وقد عقد اليمين عليه ألا ترى أنه لو حلف لا يذوق من هذا الخمر فذاقه بعد ما صار خلا لم يحنث ولو حلف ليأكلن هذا السويق فأكله كله الا حبة منه لم يحنث لأنه يسمى في العادة أكل ولأنه لا يتصور أكل كله على وجه لا يبقي حبة في الاناء وبين لهواته وأسنانه فتحمل يمينه على ما يتأتى فيه البر إذا كان ذلك متعارفا بين الناس وعلى هذا لو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها كلها الا حبة واحدة كان قد بر في يمينه لان أكل الرمانة هكذا يكون فإنه لا يمكنه أن يأكلها على وجه لا يسقط منه حبة إلا أن ينوى ذلك فحينئذ قد شدد على نفسه بنية حقيقة كلامه ولو مص ماءها ورمى بالحب لم يحنث سواء حلف على أكلها أو شربها لان هذا ليس بأكل ولا شرب ولكنه مص وان قال لامرأتيه أيتكما أكلت هذه الرمانة فهي طالق فأكلتا جميعا لم تطلقا لان كلمة أي تتناول كل واحد من المخاطبين على الانفراد وشرط الطلاق أكل الواحدة جميع الرمانة ولم يوجد ذلك فلهذا لم تطلق واحدة منهم وان حلف لا يأكلن سمنا فأكل سويقا قد لت بسمن وأوسع حتى يستبين فيه طعمه ويرى مكانه حنث وكذلك كل شئ فيه سمن يوجد طعمه ويستبين فيه وان كأن لا يوجد طعمه ولا يرى مكانه لم يحنث لأنه عقد يمينه
(١٨٢)