أجمعين ان شحم الظهر شحم بذاته ويصلح لما يصلح له الشحم فكان كشحم البطن قال الله تعالى ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما والمستثني (والمستثنى) من جنس المستثنى منه هو الحقيقة وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هذا لحم عند الناس ألا ترى أنه لو حلف لا يأكل لحما يحنث بهذا وكذلك في العادة يقال في العربية سمين اللحم وبالفارسية فربهن والدليل عليه أن يمينه لو كان على الشراء لم يحنث بهذا إلا أن أبا يوسف رحمه الله تعالى يفرق بما ذكرنا أن الشراء لا يتم به وحده بخلاف الأكل ثم سمين اللحم يستعمل استعمال اللحوم في اتخاذ القلايا والباحات كاستعمال الشحوم وقد بينا ان الايمان لا تنبني على ألفاظ القرآن وفي الآية استثناء الحوايا أيضا وما اختلط بعظم وأحد لا يقول إن مخ العظم يكون شحما وإذا حلف لا يأكل بسرا فأكل بسرا مذنبا حنث وكذلك لو حلف لا يأكل رطبا فأكل رطبا فيه بعض البسر فهو حانث لأنه أكل المحلوف عليه حقيقة وعرفا ولو حلف لا يأكل رطبا فأكل بسرا مذنبا حنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولم يحنث في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وكذلك لو حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا وفيه شئ من البسر فهو على الخلاف أبو يوسف رحمه الله يقول المذنب لا يسمى رطبا وإنما يسمى بسرا حتى يحنث بأكله لو كانت يمينه على البسر فكيف يكون رطبا وبسرا في حالة واحدة وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا الجانب الذي أرطب منه رطب ألا ترى أنه لو ميز ذلك وأكله وحده حنث في يمينه فكذلك إذا أكله مع غيره ولهذا يحنث لو كانت يمينه على أكل البسر لان أحد الجانبين منه بسر وهذا ينبنى على الأصل الذي بينا فان الرطب والبسر جنس واحد ومن أصل أبى يوسف رحمه الله تعالى أن المغلوب مستهلك بالغالب وإن كان الجنس واحدا فاما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى في الجنس الواحد لا يكون الأقل مستهلكا بالأكثر فيعتبر كل واحد منهما على حدة وان حلف لا يأكل من هذا العنب شيئا فأكل منه بعد ما صار زبيبا لم يحنث لان الوصف المذكور داع إلى اليمين فقد يمتنع المرء من تناول العنب دون الزبيب وقد بينا نظيره في الرطب مع التمر ولان الزبيب غير العنب ألا ترى ان من غصب عنبا فجعله زبيبا انقطع حق صاحبه عنه ويمينه على عين مأكول فلا يتناول ما يتخذ منه ولو حلف لا يأكل جوزا فأكل منه رطبا أو يابسا حنث وكذلك اللوز والفستق والتين وأشباه ذلك لان الاسم الذي عقد به اليمين حقيقة في الرطب واليابس منه فإنه بعد
(١٨٤)