المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٨١
لا يحنث لأن هذه حقيقة مهجورة ولما انصرفت اليمين إلى ما يتخذ منه للعرف يسقط اعتبار الحقيقة كمن قال للأجنبية ان نكحتك فعبدي حر فزنى بها لم يحنث لأنه لما انصرف إلى العقد لم يتناول حقيقة الوطئ وإن كان عنى أكل الدقيق بعينه لم يحنث بأكل الخبز لأنه نوى حقيقة كلامه ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة شيئا فان نوى يأكلها حبا كما هو فأكل من خبزها أو سويقها لم يحنث لان المنوي حقيقة كلامه فهو كالملفوظ وإن لم يكن له نية فأكل من خبزها لم يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويحنث في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قال في الكتاب يمينه على ما يصنع منها وهذا إشارة إلى أن عندهما لو أكل من عينها لم يحنث ولكن ذكر في الجامع الصغير وان أكل من خبزها يحنث عندهما أيضا فهذا يدل على أنه يحنث بتناول عين الحنطة عندهما وهو الصحيح وجه قولهما ان أكل الحنطة في العادة هكذا يكون فإنك تقول أكلنا أجود حنطة في الأرض تريد الخبز ويقال أهل بلدة كذا يأكلون الحنطة وأهل بلده كذا يأكلون الشعير والمراد الخبز إلا أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى يقول عين الحنطة مأكول عادة فإنها تقلى فتؤكل وتغلى فتؤكل ويتخذ منها الهريسة ومن انعقدت يمينه على أكل عين مأكولة ينصرف يمينه إلى اكل عينه دون ما يتخذ منه كالعنب والرطب وهذا لان لكلامه حقيقة مستعملة ومجازا متعارفا ولا يراد باللفظ الواحد الحقيقة والمجاز لان المجاز مستعار والثوب الواحد في حالة واحدة لا يتصور أن يكون ملكا وعارية فإذا كانت الحقيقة مرادة هنا يتنحى المجاز وهما لا ينكران هذا الأصل ولكنهما يقولان إذا أكل الحنطة إنما يحنث باعتبار عموم المجاز لا باعتبار الحقيقة وقد بينا نظائره في وضع القدم وغيره (قال) وإذا أكل من سويقها لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وكذلك قول محمد أيضا لان الموجود في الحنطة لبها وهو ما يصير بالطحن دقيقا ومن أصل أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ان السويق جنس آخر غير الدقيق ولهذا جوزا بيع السويق بالدقيق متفاضلا فما تناول ليس من جنس ما كان موجودا في الحنطة التي عينها فلا يحنث وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يمينه تناولت الحقيقة فلا يحنث بأكل السويق وان حلف لا يأكل من هذا الطلع شيئا فأكل منه بعد ما صار بسرا لم يحنث لان الطلع عينه مأكول ومتى عقد يمينه على أكل ما تؤكل عينه لا ينصرف يمينه إلى ما يكون منه ثم البسر ليس من جنس الطلع ألا ترى أن بيع البسر
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175