المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٤٨
الوجوب لان التكفير بالصوم للضرورة ولا ضرورة قبل تقرر الوجوب ولأن هذه كفارة مالية توقف وجوبها على معنى فيجوز أداؤها قبله ككفارة القتل في الآدمي والصيد إذا جرح مسلما ثم كفر بالمال قبل زهوق الروح أو جرح المحرم صيدا ثم كفر قبل موته يجوز بالمال بالاتفاق (وحجتنا) في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لا تسأل الامارة فإنك ان أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وان أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك وما رواه الشافعي رحمه الله تعالى محمول على التقديم والتأخير بدليل ما روينا وهذا لمعنيين أحدهما أن الامر يفيد الوجوب حقيقة ولا وجوب قبل الحنث بالاتفاق والثاني ان قوله فليكفر أمر بمطلق التكفير ولا يجوز مطلق التكفير الا بعد الحنث اما قبل الحنث يجوز عنده بالمال دون الصوم وليس من باب التخصيص لان ما يكفر به ليس في لفظه والتخصيص في الملفوظ الذي له عموم دون ما يثبت بطريق الاقتضاء والمعنى فيه أن مجرد اليمين ليس بسبب لوجوب الكفارة لان أدنى حد السبب أن يكون مؤديا إلى الشئ طريقا له واليمين مانعة من الحنث محرمة له فكيف تكون موجبة لما يجب بعد الحنث ألا ترى أن الصوم والاحرام لما كان مانعا مما يجب به الكفارة وهو ارتكاب المحظور لم يكن بنفسه سببا لوجوب الكفارة بخلاف الجرح فإنه طريق يفضى إلى زهوق الروح وبخلاف كمال النصاب فإنه تحقق الغني المؤدي إلى النماء الذي به يكون المال سببا لوجوب الزكاة ولان الكفارة لا تجب الا بعد ارتفاع اليمين فان بالحنث اليمين يرتفع وما يكون سببا للشئ فالوجوب يترتب على تقرره لا على ارتفاعه والدليل عليه أن اليمين ليست بسبب التكفير بالصوم حتى لا يجوز أداؤه قبل الحنث وبعد وجود السبب الأداء جائز ماليا كان أو بدنيا الا ترى أن صوم المسافر في رمضان يجوز لوجود السبب وإن كان الأداء متأخرا إلى أن يدرك عدة من أيام أخر وإضافة الكفارة إلى اليمين لأنها تجب بحنث بعد اليمين كما تضاف الكفارة إلى الصوم والاحرام بهذا الطريق ولئن سلمنا أن اليمين سبب فالكفارة إنما تجب خلفا عن البر الواجب ليصير عند أدائها كأنه تم على بره ولا معتبر بالخلف في حال بقاء الواجب وقبل الحنث ما هو الأصل باق وهو البر فلا تكون الكفارة خلفا كما لا يكون التيمم طهارة مع القدرة على الماء يقرره أن الكفارة توبة كما قال الله تعالى في كفارة القتل توبة من الله والتوبة قبل الذنب لا تكون وهو في عقد اليمين معظم حرمة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175