المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٣٣
والجلال والكبرياء يمين والحلف بصفات الفعل كالرحمة والغضب لا يكون يمينا وقالوا صفات الذات مالا يجوز أن يوصف بضده كالقدرة وصفات الفعل ما يجوز أن يوصف بضده يقال رحم فلان ولم يرحم فلان وغضب على فلان ورضى عن فلان قالوا وعلى هذا ينبغي في القياس في قوله وعلم الله أن يكون يمينا لأنه من صفات الذات فإنه لا يوصف بضد العلم ولكنهم تركوا هذا القياس لان العلم يذكر بمعنى المعلوم كقول الرجل في دعائه اللهم اغفر لنا علمك فينا أي معلومك ويقال علم أبي حنيفة رحمه الله أي معلومه والمعلوم غير الله (فان قيل) وقد يقال أيضا انظر إلى قدرة الله والمراد المقدور ثم قوله وقدرة الله يمين (قلنا) معنى قوله انظر إلى قدرة الله أي إلى أثر قدرة الله تعالى ولكن بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فان القدرة لا تعاين ولكن هذا الطريق غير مرضى عندنا فإنهم يقصدون بهذا الفرق الإشارة إلى مذهبهم أن صفات الفعل غير الله تعالى والمذهب عندنا أن صفات الله لا هو ولا غيره فلا يستقيم الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل في حكم اليمين ومنهم من يعلل فيقول رحمة الله تعالى الجنة قال الله تعالى ففي رحمة الله هم فيها خالدون وإذا كانت الرحمة بمعنى الجنة فالسخط والغضب بمعنى النار فيكون حلفا بغير الله تعالى وهذا غير مرضى أيضا لان الرحمة والغصب عندنا من صفة الله تعالى والأصح أن يقول الايمان مبنية على العرف والعادة فما تعارف الناس الحلف به يكون يمينا وما لم يتعارف الحلف به لا يكون يمينا والحلف بقدرة الله تعالى وكبريائه وعظمته متعارف فيما بين الناس وبرحمته غضبه غير متعارف فلهذا لم يجعل قوله وعلم الله يمينا ولهذا قال محمد رحمه الله في قوله وأمانة الله انه يمين ثم سئل عن معناه فقال لا أدرى فكأنه قال وجد العرب يحلفون بأمانة الله عادة فجعله يمينا وذكر الطحاوي أن قوله وأمانة الله لا يكون يمينا لأنه عبادة من العبادات والطاعات ولكن أمر الله تعالى بها وهي غير الله تعالى وجه رواية الأصل أنه يتعذر الإشارة إلى شئ بعينه على الخصوص انه أمانة الله والحلف به متعارف وعلمنا انهم يريدون به الصفة فكأنه قال والله الأمين فان قال ووجه الله روى عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى انه يمين لان الوجه يذكر بمعنى الذات قال الله تعالى ويبقي وجه ربك قال الحسن هو هو وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يكون يمينا قال أبو شجاع رحمه الله تعالى في حكايته عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو من ايمان السفلة يعنى الجهلة الذين يذكرونه بمعنى الجارحة وهذا دليل على أنه لم يجعله يمينا وان قال وحق الله فهو يمين
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175