المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٢٩
بالحنث محظور فيصلح سببا للكفارة فأما الغموس محظور محض لان الكذب بدون الاستشهاد بالله تعالى محظور محض فمع الاستشهاد بالله تعالى أولى فلا يصلح سببا للكفارة ثم الكفارة تجب خلفا عن البر الواجب باليمين ولهذا يجب في المعقودة على أمر في المستقبل بعد الحنث لان قبل الحنث ما هو الأصل قائم فإذا حنث فقد فات الأصل فتجب الكفارة ليكون خلفا ويصير باعتبارها كأنه على بره وهذا إنما يتصور في خبر فيه توهم الصدق انه ينعقد موجبا للأصل ثم الكفارة خلف عنه وفي مس السماء هكذا لان السماء عين ممسوسة فلتصور البر انعقدت اليمين ثم لفواته بالعجز من حيث العادة تلزمه الكفارة في الحال خلفا عن البر فأما فيما نحن فيه لا تصور للبر فلا ينعقد موجبا لما هو الأصل فلا يمكن أن يجعل موجبا للخلف ولأنه حينئذ لا يكون خلفا بل يكون واجبا ابتداء ولا يمكن جعل الكفارة واجبة باليمين ابتداء لأنها حينئذ لا تكون كبيرة بل تكون سبب التزام القربة ومعنى قوله تعالى ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم ومن أسباب الوجوب ما هو مضمر في الكتاب كقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر ثم إن الله تعالى أوجب الكفارة بعد عقد اليمين بقوله بما عقدتم الايمان والقراءة بالتشديد لا تتناول الآن المعقودة وكذلك بالتخفيف لأنه يقال عقدته فانعقد كما يقال كسرته فانكسر وإنما يتصور الانعقاد فيما يتصور فيه الحل لأنه ضده قال القائل * ولقلب المحب حل وعقد * ولا يتصور ذلك في الماضي أو المراد بقوله بما كسبت قلوبكم المؤاخذة بالوعيد في الآخرة لان دار الجزاء في الحقيقة الآخرة فأما في الدنيا قد يؤاخذ المطيع ابتداء وينعم على العاصي استدراجا والمؤاخذة المطلقة محمولة على المؤاخذة في الآخرة وبفصل الشرط والجزاء يستدل على ما قلنا فإنه إذا أضيف إلى الماضي يكون تحقيقا للكذب ولا يكون يمينا واليه يشير في الكتاب ويقول أمر الغموس أمر عظيم والبأس فيه شديد معناه أن ما يلحقه من المأثم فيه أعظم من أن يرتفع بالكفارة والنوع الثالث يمين اللغو فنفي المؤاخذة بها منصوص في القرآن قال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم واختلف العلماء في صورتها فعندنا صورتها أن يحلف على أمر في الماضي أو في الحال وهو يرى أنه حق ثم ظهر خلافه وهو مروي عن زرارة بن أبي أوفى وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما في احدى الروايتين وعن محمد رحمه الله قال هو قول الرجل في كلامه لا والله بلي والله وهو قريب من قول الشافعي رضى الله تعالى عنه فان عنده اللغو
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175