المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٧٥
له غيره فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثه واستسعاه في ثلثي قيمته وفى هذا دليل أن العتق في المرض يكون وصية وأنه ينفذ من ثلثه وأن معتق البعض يستسعى فيما بقي من قيمته فيكون دليلا لنا على الشافعي رضي الله عنه لأنه لا يرى السعاية على العبد بحال ولكنه يقول يستدام الرق فيما بقي على ما نبينه في مسألة تجزى العتق وذكر عن الحسن البصري أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته فأفرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق وبظاهر هذا الحديث يحتج الشافعي رحمه الله تعالى علينا فان المذهب عندنا أن من أعتق ستة أعبد له في مرضه ولا مال له غيرهم وقيمتهم سواء يعتق من كل واحد منهم ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجزئهم القاضي ثلاثة اجزاء ثم يقرع بينهم فيعتق اثنين بالقرعة ويرد أربعة في الرق واستدل بهذا الحديث ورجح مذهبه بان فيه اعتبار النظر من الجانبين لأنه لو أعتق من كل واحد منهم ثلثه تعجل تنفيذ الوصية وتأخر اتصال حق الورثة إليهم بل في هذا ابطال حق الورثة معنى لان السعاية في معنى الناوي فان المال في ذمة المفلس يكون تاويا فإذا تعذر تنفيذ الوصية بهذا الطريق وجب جميع العتق في شخصين وتعيين المستحق بالقرعة لان ذلك أصل في الشرع وكان في شريعة من قبلنا قال الله تعالى إذا يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وقال فساهم فكان من المدحضين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه والقاضي إذا قسم المال بين الشركاء اقرع بينهم وبهذا تبين ان هذا ليس في معنى القمار لان في القمار تعليق أصل الاستحقاق بخروج القدح وفى هذا تعيين المستحق فأما أصل الاستحقاق ثابت بايجاب المعتق (وحجتنا) في ذلك أن العبيد استووا في سبب الاستحقاق وذلك موجب للمساواة في الاستحقاق فلا يجوز اعطاء البعض وحرمان البعض كما لو أوصي برقابهم لغيرهم لكل رجل برقبة بل أولى لان ملك الوصية يحتمل الرجوع من الموصى والرد من الموصي له وهذه الوصية لا تحتمل ذلك فإذا لم يجز حرمان البعض هناك فهنا أولى ثم فيما قاله الخصم ضرر الابطال في حق بعض الموصى لهم وفيما قلنا ضرر التأخير في حق الورثة وضرر التأخير متى قوبل بضرر الابطال كان ضرر التأخير أهون وإذا لم نجد بدا من نوع ضرر رجحنا أهون الضررين على أعظمهما مع أنه ليس في هذا تعجيل حق الموصى له لان عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى المستسعى مكاتب فلا يعتق شئ منهم ما لم يصل إلى الورثة السعاية وعلى قولهما وان
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست