المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٢١٤
مكاتبه درهما بدرهمين لم يجز لان هذا صريح الربا والمكاتب في كسبه بمنزلة الحر يدا كما قررنا فصريح الربا يجرى بينه وبين المولى باعتبار هذا المعني احتياطا (قال) وإذا أخذ بالمكاتبة رهنا فيه وفاء بها فهلك الرهن عتق العبد لان عقد الرهن يثبت يد الاستيفاء على أن يتم ذلك الاستيفاء بهلاك الرهن ودين الكتابة في حكم الاستيفاء كسائر الديون وإذا صار مستوفى بهلاك الرهن عتق المكاتب كما لو استوفاه حقيقة (قال) ولو كاتبه على وصيف فأتاه المكاتب بأربعين دينارا ثمن الوصيف أجبر المولى على قبولها لما بينا في كتاب النكاح أن الحيوان في العقود المبنية على التوسع يثبت دينا في الذمة على أن يكون الحق مترددا بينه وبين قيمة الوصيف وان قيمة الوصيف عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أربعون دينارا (قال) وإذا كاتب على خمر أو خنزير أن ما أشبه ذلك مما لا يحل فالكتابة فاسدة لان المسمى ليس بمال متقوم في حق المسلمين فلا يصير مستحقا للمولى بالتسمية فان أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي وقد قال له أنت حر إذا أديته أو لم يقل فإنه يعتق وقد بينا هذا فيما سبق أن مع فساد العقد العقد منعقد فيعتق بالأداء وعليه قيمة نفسه لأن العقد فاسد فيلزمه رد رقبته لأجل الفساد وقد تعذر رده بنفوذ العتق فيه فيلزمه قيمته كالمشترى شراء فاسدا إذا أعتق المبيع بعد القبض وذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى أن عند زفر رحمه الله تعالى لا يعتق الا بأداء قيمة نفسه لان البدل في الكتابة الفاسدة هو القيمة وإنما يعتق بأداء البدل وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى أيهما أدى المشروط أو قيمة نفسه فإنه يعتق لان البدل صورة هو المشروط والعتق معلق بأدائه ومن حيث المعني البدل القيمة فأيهما أدى يعتق وبدل الكتابة في جواز الاستبدال به بمنزلة المهر والثمن (قال) وان جاء المكاتب بالمال قبل محل الاجل فأبي المولى أن يقبله أجبر على أخذه لان الاجل حق المكاتب فإذا أسقطه يسقط وان صالحه المولى على أن يعجل بعض المكاتبة قبل محلها ليحط ما بقي فهذا جائز بينهما وان كأن لا يجوز مثله بين الحرين لان الصحابة رضوان الله عليهم مختلفون في جواز هذا التصرف بين الحرين على ما نبينه في كتاب الصلح فعرفنا أنه ليس بصريح الربا فلا يجرى بين المكاتب ومولاه لأنه عبده بخلاف بيع الدرهم بالدرهمين على ما بينا وإذا كاتبه على ألف درهم وعلى عبد مثله يعمل عمله وهو خياط أو شبه ذلك فهو جائز لان المسمى معلوم الجنس وإن كان مجهول الوصف ألا ترى أنه لو كاتبه على عبد خياط أجرت ذلك
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست