المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٥٢
إلى ديونها فإذا تعذر بيعها بالاستيلاد وجوب قضاء ديونها من كسبها بخلاف الجناية فإنها تتباعد عن الجاني وتتعلق بأقرب الناس إليه ألا ترى أن دين المملوك يبقى في ذمته بعد بيعه ولا تبقى الجناية في رقبته بعد بيعه أو عتقه وولد أم الولد ثابت النسب من المولى ما لم ينفه لأنها فراش له وقال عليه الصلاة والسلام الولد للفراش ولكن ينتفى عنه بمجرد النفي عندنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى إن لم يكن استبرأها بحيضة يلزمه نسب ولدها وليس له ان ينفيه وإن كان قد استبرأها بحيضة بعد ما وطئها لا يلزمه نسب ولدها الا بالدعوة وحكمها وحكم الأمة التي ليست بأم ولد سواء عنده بناء على أصلين له أحدهما انه لا عدة على أم الولد بعد العتق كالأمة القنة وإنما يلزمها الاستبراء بحيضة وقد بينا هذا في كتاب النكاح والثاني ان عنده الأمة تصير فراشا بنفس الوطئ وقد بينا هذا أيضا فيما أمليناه من شرح الدعوى فإذا صارت عنده فراشا بالوطئ لا يرتفع حكم هذا الفراش الا بالاستبراء فان جاءت بالولد قبل أن يستبرأها يلزمه النسب لوجود دليله شرعا فلا يملك نفيه كما لو قامت البينة به وان استبرأها بحيضة فقد انعدم حكم ذلك الفراش لان بسببها كان اشتغال رحمها بمائه بالوطئ وقد انعدم ذلك بالاستبراء فلا يلزمه النسب إلا بالدعوة وعندنا له على أم الولد فراش معتبر ولهذا لزمها ان تعتد بثلاث حيض بعد العتق فثبت النسب باعتبار الفراش ولكن هذا الفراش غير ملزم في حقه ولهذا يملك تزويجها من غيره فكما ينفرد بنقل الفراش إلى غيره ينفرد بنفي نسب الولد وإنما يملك نفيه ما لم يقض به القاضي أو يتطاول ذلك فاما بعد قضاء القاضي فقد لزمه بالقضاء على وجه لا يملك ابطاله كذلك بعد التطاول لأنه يوجد منه دليل الاقرار في هذه المدة من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح بالاقرار واختلافهم في مدة التطاول قد سبق بيانه في باب اللعان من كتاب الطلاق فاما الأمة والمدبرة فلا يلزمه ولدهما وان حصنهما وطلب ولدهما ما لم يقربه لان الفراش على المملوكة لا يثبت بالوطئ عندنا والنسب لا يثبت بدون الفراش إلا أنه روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا وطئها ولم يعزل عنها وحصنها فله أن يدعي نسب ولدها وليس له أن ينفيه فيما بينه وبين ربه لأن الظاهر أنه منه والبناء علي الظاهر واجب فيما لا تعلم حقيقته فأما إذا عزل عنها أو لم يحصنها فله أن ينفيه لان هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا وطئها ولم يستبرئها بعد ذلك حتى جاءت بالولد فعليه أن يدعيه سواء عزل عنها أولم يعزل
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست