المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٣٦
فكذلك تقبل فيما جعل بناء على الولادة ألا ترى أنه لو قال إن كان بها حبل فهو مني ثم جاءت امرأة تشهد على الولادة بعد هذا القول بيوم صارت أم ولد له وبالاستيلاد يثبت حق الحرية ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يفرق فيقول الاستيلاد من أحكام نسب الولد فأما هذا العتق ليس من حكم الولادة وشهادة القابلة حجة ضرورية فلا تكون حجة الا فيما هو في حكم الولادة وان قال لها أنت حبلى فإذا ولدت فأنت حرة فشهدت امرأة على الولادة عتقت لا بشهادة القابلة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى بل بمجرد قول الأمة لأنه لما أقر بأنها حبلى فقد جعل شرط وقوع العتق عليها ظهور ما هو موجود في بطنها وقد ظهر بقولها كما إذا قال لها إذا حضت فأنت حرة وقد تقدم نظير هذا في الطلاق وإذا قال لها إذا حبلت فأنت حرة ثم وطئها فينبغي له في الورع والتنزه ان يعتزلها حتى يعلم أحامل هي أم لا لان سبب الحبل هو الوطئ فبعد ما وطئها يحتمل انها قد حبلت وقد عتقت فلو وطئها كان حراما عليه والتحرز عن الحرام واجب فلهذا نأمره على طريق التنزه ان يعتزلها فإذا حاضت علمنا أنها ليست بحامل فيطأها مرة أخرى بعد ما تطهر وهكذا دأبه ودأبها وان ولدت بعد هذه المقالة لا كثر من سنتين وقد وطئها قبل الولادة لأقل من ستة أشهر فعليه العقر لأنا تيقنا بوجود شرط العتق بعد اليمين وتيقنا بأنه وطئها بعد ما علقت فإنما وطئها وهي حرة بالشبهة فعليه العقر وان ولدته لأقل من سنتين لم يعتق لأنا لم نتيقن بوجود الشرط وهو الحبل بعد اليمين لجواز أن يكون هذا الولد من علوق كان قبل اليمين (فان قيل) فأين ذهب قولكم ان يستند العلوق إلى أقرب الأوقات (قلنا) نعم يستند العلوق إلى أقرب الأوقات إذا لم يكن فيه اثبات العتق بالشك لان العتق بالشك لا ينزل وقد تقدم نظيره في الرجعة في الطلاق وإذا قال لأمتيه ما في بطن أحدا كما حر فله ان يوقع على أيهما شاء لان ما في البطن في حكم العتق كالمنفصل وقد بينا في المنفصل أنه لو أوجب العتق في غير المعين كان البيان إليه فكذلك فيما في البطن فان ضرب انسان بطن إحداهما فألقت جنينا ميتا وقع العتق على ما في بطن الأخرى لان الذي انفصل ميتا خرج من أن يكون محلا للعتق ومزاحما للآخر فيما أوجب فيتعين العتق في الآخر ضرورة ولو ضرب بطن كل واحدة منهما رجل معا فألقتا جنينين ميتين لأقل من ستة أشهر منذ تكلم بالعتق كان على كل واحد منهما ما في جنين الأمة لان كل واحد من الجنينين كان مملوكا يقينا وبعد ايجاب العتق في المجهول بقيا كذلك وقد بينا في المنفصلين أنه لو قتل
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست