المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٢٤
ذلك بينهم أثلاثا لان السعاية وجبت لهم عليه بسبب واحد فيكون المستوفى مشتركا بينهم ولأنه بمنزلة العبد لهم فلا يكون لأحدهم حق الاختصاص بشئ من كسبه فان شهد اثنان منهم على الآخر أنه استوفى منه حصته لم يجز شهادتهما من قبل أنهما يجران إلى أنفسهما منفعة حتى يأخذ منه ثلثي ما استوفاه وكذلك أن شهدا أنه استوفي المال كله بوكالة منهما لم تجز شهادتهما عليه لما قلنا ويبرأ العبد من حصتهما لاقرارهما فيه بقبض مبرئ فان قبض وكليهما في براءة المديون كقبضهما ويستوفى المشهود عليه حصته من العبد ولا يشاركه في ذلك الشاهدان لأنهما أسقطا حقهما بالشهادة السابقة ولأنهما يزعمان أنه ظالم في هذا الاستيفاء لا حق له فيه ولا لهما وان شهدا بدين لهذا العبد على أجنبي لم تقبل لأنه بمنزلة عبدهما ما دام يسعى وإذا شهد شاهدان عل أحد الشريكين أن شريكه الغائب أعتق حصته من هذا العبد فعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تقبل هذه الشهادة ويقضي بعتقه لان العتق عندهما لا يتجزأ فينتصب الحاضر خصما عن الغائب وهما في الحقيقة يشهدان على الحاضر بعتق نصيبه وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تقبل هذه الشهادة لان العتق عنده يتجزأ فإنما يشهدان بعتق نصيب الغائب خاصة وليس عنه خصم حاضر والقضاء على الغائب بالشهادة لا يجوز ولكن يحال بينه وبين هذا الحاضر أن يسترقه ويوقف حتى يقدم الغائب استحسانا وفي القياس لا يحال لأن هذه الحيلولة تنبني على ثبوت العتق في نصيب الغائب ولا يثبت ذلك بالشهادة بدون القضاء ولكن في الاستحسان قال هما يشهدان على الغائب بالعتق وعلى الحاضر بقصر يده عنه لان معتق البعض بمنزلة المكاتب لا يد عليه لمولاه والحاضر خصم في اثبات قصر يده عنده فتقبل هذه الشهادة في هذا الحكم إذ ليس من ضرورة القضاء بها القضاء على الغائب بالعتق فهو نظير من وكل بعتق عبده فأقام العبد البينة على الوكيل أن مولاه أعتقه لا يحكم بعتقه ولكن يحكم بقصر يد الوكيل عنه حتى يحضر المولى فتعاد عليه البينة فكذلك هنا إذا حضر الغائب فلا بد من إعادة البينة عليه للحكم بعتقه لان الأولى قامت على غير خصم فإن كانا غائبين فقامت البينة على أحدهما بعينه أنه أعتق العبد لم تقبل هذه الشهادة الا بخصومة تقع من قبل قذف أو جناية أو وجه من الوجوه فحينئذ تقبل البينة إذا قامت على أن الموليين اعتقاه أوان أحدهما أعتقه واستوفى الآخر السعاية منه لان الخصم الحاضر لا يتمكن من اثبات ما يدعيه على العبد الا باثبات حريته والعبد لا يتمكن من دفعه الا بإنكار حريته
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست