المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣
لم يسق الهدى إلا أنه إن لم يطف بعد الاحرام بالحج وسعى لم يرمل في طواف يوم النحر ولم يطف بين الصفا والمروة (قال) ولا يدع الحلق في جميع ذلك ملبدا أو مضفرا أو عاقصا والتلبيد أن يجمع شعر رأسه على هامته ويشده بصمغ أو غيره حتى يصير كاللبد والتضفير أن يجعل شعره ضفائر والعقص هو الاحكام وهو أن يشد شعره حول رأسه وقد بينا أن الحلق أفضل ولا يدع ما هو الأفضل بشئ من هذه الأسباب وقد لبد رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه كما روينا من قوله ولبدت رأسي ومع ذلك حلق (قال) والمرأة بمنزلة الرجل في جميع ما وصفناه لأنها مخاطبة كالرجل ألا ترى ان أم سلمة رضي الله عنها لما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال من الجنابة وصف لها حال نفسه في الاغتسال فدل أن حال الرجل والمرأة سواء غير أنها تلبس ما بدا لا من الدروع والقمصان والخمار والخف والقفازين لأنها عورة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة عورة مستورة وفي لبس الإزار والرداء ينكشف بعض البدن عادة وهي مأمورة بأداء العبادة على استر الوجوه كما بينا في الصلاة فلهذا تلبس المخيط والخفين وتغطي رأسها ولا تغطي وجهها لان الرأس منها عورة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها فعرفنا أنها لا تغطي وجهها إلا أن لها أن تسدل على وجهها إذا أرادت ذلك على وجه تجافى عن وجهها هكذا روى عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا في الاحرام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نكشف وجوهنا فإذا استقبلنا أسدلنا من غير أن نصيب وجوهنا ولا تلبس المصبوغ بورس ولا زعفران ولا عصفر إلا أن يكون قد غسل لان ما حل في حقها من اللبس كان للضرورة ولا ضرورة في لبس المصبوغ وهي في ذلك بمنزلة الرجل ولان هذا تزين وهي من دواعي الجماع وهي ممنوعة من ذلك في الاحرام كالرجل ولا حلق عليها إنما عليها التقصير هكذا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى النساء عن الحلق وأمرهن بالتقصير عند الخروج من الاحرام ولان الحلق في حقها مثلة والمثلة حرام وشعر الرأس زينة لها كاللحية للرجل فكما لا يحلق الرجل لحيته عند الخروج من الاحرام لا تحلق هي رأسها ولا رمل عليها في الطواف بالبيت ولا بين الصفا والمروة لان الرمل لاظهار التجلد والقوة والمرأة ليست من أهل القتال لتظهر الجلادة من نفسها ولا يؤمن أن يبدو شئ
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست