ظاهر في هذا الدعاء ثلاث مرات للمحلقين فدل أنه أفضل (قال) ثم قد حل له كل شئ الا النساء فالحاصل أن في الحج احلالين أحدهما بالحلق والثاني بالطواف فبالحق يحل له كل شئ كان حراما على المحرم الا النساء وقال مالك رحمه الله تعالى الا النساء والطيب. وقال الليث رحمه الله تعالى الا النساء وقتل الصيد لأنهما محرمان بنص القرآن فلا ترتفع حرمتهما الا بتمام الاحلال ولكنا نقول قتل الصيد ليس نظير الجماع الا يري أن الاحرام يفسد بالجماع وقتل الصيد لا يفسده فكان هو نظير سائر المحظورات يرتفع بالحلق ومالك رحمه الله تعالى يقول استعمال الطيب من دواعي الجماع فلا يحل الا بالطواف كنفس الجماع وحجتنا حديث عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت واستعمال الطيب لا يفسد الاحرام بحال بخلاف النساء فكان قياس سائر المحظورات ولهذا الأصل قال الشافعي رحمه الله تعالى حرمة الجماع فيما دون الفرج ترتفع بالحلق أيضا لأنه لا يفسد الاحرام بحال ولكنا نقول ما يقصد منه قضاء الشهوة بالنساء فحله مؤخر إلى تمام الاحلال بالطواف شرعا وفي ذلك الجماع في الفرج وفيما دون الفرج سواء (قال) ثم يزور من يومه ذلك البيت إن استطاع أو من الغد أو من بعد الغد ولا يؤخره إلى ما بعد ذلك فيطوف به أسبوعا ويصلى ركعتين لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق أفاض إلى مكة فطاف بالبيت ثم عاد إلى منى وصلى الظهر بمنى وفى بعض الروايات أنه أتى بمكة ليلا فطاف ووجه التوفيق أنه في أيام منى كان يأتي مكة بالليل مستترا فيطوف فمن رأى ذلك منه ظن أن طوافه ذلك للزيارة فنقل كما وقع عنده وإنما طاف للزيارة قبل الظهر وطواف الزيارة ركن الحج وهو الحج لا كبر في تأويل قوله تعالى واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ووقته أيام النحر فلا ينبغي أن يؤخره عن أيام النحر والأفضل أداؤه في أول أيام النحر كالتضحية لقوله صلى الله عليه وسلم أيام النحر ثلاثة أفضلها أو لها ثم لم يذكر السعي عقيب هذا الطواف لأنه قد سعى عقيب طوافه التحية وليس عليه في الحج الا سعى واحد فان قيل السعي واجب أو ركن وطواف التحية سنة فكيف يترتب ما هو واجب على ما هو سنة قلنا نعم لكن الشرع جوز له أداء هذا الواجب عقيب طواف هو سنة للتيسير فان الطواف الذي هو ركن لا يجوز قبل يوم النحر وفى يوم النحر على الحاج أعمال كثيرة ولو وجب عليه أداء السعي
(٢٢)