قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى يجعل الهالك من الوقص دون النصاب حتى لا يسقط شئ من الزكاة إذا لم ينقص من النصاب ومحمد وزفر رحمهما الله تعالى يجعلان الهالك من الكل حتى إذا كان له تسع من الإبل فحال الحول فهلك منها أربع فعليه في الباقي شاة عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر رحمهم الله تعالى في الباقي خمسة اتساع شاة (حجتهما) قوله صلى الله عليه وسلم في خمس من الإبل السائمة شاة إلى تسع أخبر أن الوجوب في الكل والمعنى يشهد له فان المال النامي لا يخلو عن الزكاة وما زاد على النصاب مال نام لا يجب بسببه زيادة فعرفنا أن الوجوب في الكل وهو نظير ما لو شهد له ثلاثة نفر بحق فقضى به القاضي فان القضاء يكون بشهادة الكل وإن كان القاضي يستغنى عن الثالث وإذا ثبت أن الوجوب في الكل فما هلك يهلك بزكاته وما بقي يبقى بزكاته كالمال المشترك وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى استدلا بحديث عمرو بن حزم رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خمس من الإبل السائمة شاة وليس في الزيادة شئ حتى يكون عشرا فهذا تنصيص على أن الواجب في النصاب دون الوقص والمعنى فيه أن الوقص تبع للنصاب والنصاب باسمه وحكمه يستغنى عن الوقص والوقص لا يستغنى باسمه وحكمه عن النصاب والمال متى اشتمل على أصل وتبع فإذا هلك منه شئ يصرف الهلاك إلى التبع دون الأصل كمال المضاربة إذا كان فيها ريح فهلك شئ منها يصرف الهلاك إلى الربح دون رأس المال فكذا هذا ثم الأصل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن أول النصاب يجعل أصلا وما بعده بناء وتبعا فيجعل الهلاك فيما زاد على أول النصاب كأنه لم يكن في ملكه الا أول النصاب وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى هو كذلك ما لم يأت نصاب آخر فإذا أتى نصاب آخر فحينئذ يجعل آخر النصاب أصلا. وبيانه أن من له خمس وثلاثون من الإبل فحال الحول ثم هلك خمسة عشر فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الباقي أربع شياه وما هلك صار كأن لم يكن وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى في الباقي أربعة أخماس بنت مخاض لأنه يجعل آخر النصاب أصلا والهالك فيما زاد عليه يصير كأن لم يكن وعند محمد رحمه الله تعالى في الباقي أربعة أسباع بنت مخاض لان بنت المخاض واجبة في الكل عنده فيسقط حصة ما هلك ويبقى حصة ما بقي (قال) وتعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك والكلام في هذه المسألة في فصول (أحدها)
(١٧٦)