من الرخصة أثبتناه بالنص ولا مدخل للرأي في اثبات الرخص (قال) وان صلوا صلاة الخوف من غير أن يعاينوا العدو جاز للامام ولم يجز للقوم إذا صلوا بصفة الذهاب والمجئ لان الرخصة إنما وردت إذا كانوا بحضرة العدو فإذا لم يكونوا بحضرته لم يتحقق سبب الترخص بالذهاب والمجئ فلا تجوز صلاتهم بها وأما الامام فلم يوجد منه الذهاب والمجئ فتجوز صلاته ولو رأوا سوادا فظنوا أنه العدو فصلوا صلاة الخوف فان تبين أنه سواد العدو فقد ظهر أن سبب الترخص كان متقررا فتجزئهم وان ظهر أن السواد سواد إبل أو بقر أو غنم فقد ظهر أن السبب لم يكن متقررا فلا تجزئهم والخوف من سبع يعاينونه كالخوف من العدو لان الرخصة لدفع سبب الخوف عنهم ولا فرق في هذا بين السبع والعدو والله تعالى أعلم * (باب الشهيد) * (قال) وإذا قتل الشهيد في معركة لم يغسل وصلى عليه عندنا وقال الحسن البصري رضى الله تعالى عنه يغسل ويصلى عليه وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يصلى عليه أما الحسن فقال الغسل سنة الموتى من بني آدم جاء في الحديث أن آدم لما مات غسلته الملائكة وصلوا عليه ثم قالوا هذه سنة موتاكم يا بني آدم والشهيد ميت بأجله ولان غسل الميت تطهير له حتى تجوز الصلاة عليه بعد غسله لا قبله والشهيد يصلى عليه فيغسل أيضا تطهيرا له وإنما لم يغسل شهداء أحد لان الجراحات فشت في الصحابة في ذلك اليوم وكان يشق عليهم حمل الماء من المدينة وغسلهم لان عامة جراحاتهم كانت في الأيدي فعذرهم لذلك (ولنا) ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شهداء أحد زملوهم بدمائهم ولا تغسلوهم فإنه ما من جريح يجرح في سبيل الله الا وهو يأتي يوم القيامة وأوداجه تشخب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك وما قاله الحسن من التأويل باطل فإنه لم يأمر بالتيمم ولو كان ترك الغسل للتعذر لامر أن ييمموا كما لو تعذر غسل الميت في زمان لعدم الماء ولأنه لم يعذرهم في ترك الدفن وكانت المشقة في حفر القبور للدفن أظهر منها في الغسل وكما لم يغسل شهداء أحد لم يغسل شهداء بدر كما رواه عقبة بن عامر وهذه الضرورة لم تكن يومئذ وكذلك لم يغسل شهداء الخندق وخيبر فظهر أن الشهيد لا يغسل وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يصلى
(٤٩)