* (باب العشر) * (قال) رحمه الله العاشر من ينصبه الامام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار وتأمن التجار بمقامه من اللصوص وقد روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يستعمل أنس بن مالك رحمه الله تعالى على هذا العمل فقال له أتستعملني على المكس من عملك فقال ألا ترضى أن أقلدك ما قلدنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي روى من ذم العشار محمول على من يأخذ مال الناس ظلما كما هو في زماننا دون من يأخذ ما هو حق وهو الصدقة إذا عرفنا هذا فنقول العاشر يأخذ مما يمر به المسلم عليه الزكاة إذا استجمعت شرائط الوجوب لان عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه لما نصب العشار قال لهم خذوا مما يمر به المسلم ربع العشر ومما يمر به الذمي نصف العشر فقيل له فكم نأخذ مما يمر به الحربي فقال كم يأخذون منا فقالوا العشر فقال خذوا منهم العشر. وفي رواية خذوا منهم مثل ما يأخذون منا فقيل له فإن لم يعلم كم يأخذون منا فقال خذوا منهم العشر وان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كتب إلى عماله بذلك وقال أخبرني به من سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم المسلم حين أخرج مال التجارة إلى المفاوز فقد احتاج إلى حماية الامام فيثبت له حق أخذ الزكاة منه لأجل الحماية كما في السوائم يأخذ الامام الزكاة لحاجته إلى حمايته وكما أن المسلم يحتاج إلى الحماية فكذلك الذمي بل أكثر لان طمع اللصوص في أموال أهل الذمة أكثر وأبين (قال) وما يؤخذ من المسلم إذا وجب أخذه من الكافر يضعف عليه كصدقات بنى تغلب فأما أهل الحرب فالأخذ منهم على طريق المجازاة كما أشار إليه عمر رضى الله تعالى عنه ولسنا نعنى بهذا أن أخذنا بمقابلة أخذهم فأخذهم أموالنا ظلم وأخذنا بحق ولكن المراد أنا إذا عاملناهم بمثل ما يعاملوننا به كان ذلك أقرب إلى مقصود الأمان واتصال التجارات وإذا لم نعلم كم يأخذون منا نأخذ منهم العشر لان حال الحربي مع الذمي كحال الذمي مع المسلم فان الذمي منا دارا دون الحربي فكما يضعف على الذمي ما يؤخذ من المسلم فكذلك يضعف على الحربي ما يؤخذ من الذمي (قال) فان مر على العاشر بأقل من مائتي درهم لم يأخذ منه شيئا وان علم أن له في منزله مالا لان حق الاخذ إنما يثبت باعتبار المال الممرور به عليه لحاجته إلى الحماية وهذا غير موجود فيما في بيته وما مر به عليه لم يبلغ نصابا وهذا إذا كان المار مسلما أو ذميا وقال
(١٩٩)