* (باب المعادن وغيرها) * اعلم أن المستخرج من المعادن أنواع ثلاثة. منها جامد يذوب وينطبع كالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس. ومنها جامد لا يذوب بالذوب كالجص والنورة والكحل والزرنيخ . ومنها مائع لا يجمد كالماء والزئبق والنفط. فأما الجامد الذي يذوب بالذوب ففيه الخمس عندنا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى فيما سوى الذهب والفضة لا يجب شئ وفى الذهب والفضة يجب ربع العشر والنصاب عنده معتبر حتى إذا كان دون المائتين من الفضة لا يجب شئ وفى اعتبار الحول له وجهان. حجته قوله صلى الله عليه وسلم في الرقة ربع العشر وهو اسم للذهب والفضة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بلال بن الحارث معادن القبلية وهي يؤخذ منها ربع العشر إلى يومنا هذا والمعنى فيه أنه مباح لم تحرزه يد قط فكان لمن وجده ولا شئ فيه كالصيد والحطب والحشيش وهذا لان الناس في المباحات سواء وإنما يظهر التقوم فيها بالاحراز فكانت للمحرز إلا أن الزكاة واجبة في الذهب والفضة باعتبار أعيانهما دون سائر الجواهر ولكن يشترط تكميل النصاب والحول على أحد الوجهين وفى الوجه الآخر قال كم من حول مضى على هذا العين قبل أخذه واعتبار الحول لحصول النماء وهذا كله نماء فلا معنى لاعتبار الحول فيه بخلاف الكنز فإنه كان في يد أهل الحرب وقد وقع في يد المسلمين بايجاف الخيل والركاب ووجب فيها الخمس ولم يؤخذ لخفاء مكانه حتى ظهر الآن فلهذا يؤخذ منه الخمس فاما الذهب والفضة من المعدن فحادث يحدث بمرور الزمان من غير أن كان في يد أحد فهو كالحطب والحشيش (وأصحابنا) احتجوا بحديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وفى الركاز الخمس واسم الركاز يتناول الكنز والمعدن جميعا لأنه عبارة عن الاثبات يقال ركز رمحه في الأرض إذا أثبته والمال في المعدن مثبت كما هو في الكنز ولما قيل يا رسول الله وما الركاز قال الذهب والفضة الذين خلقهما الله في الأرض يوم خلقها. ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجد في الخرب العادي قال فيه وفى الركاز الخمس فعطف الركاز على المدفون فعلم أن المراد بالركاز المعدن والمعنى فيه أن هذا مال نفيس مستخرج من الأرض فيجب فيه الخمس كالكنز وهذا لان المعنى الذي لأجله وجب الخمس في الكنز موجود في المعدن فان الذهب والفضة
(٢١١)