وهو مكروه وللشافعي رحمه الله تعالى قول انه لا يجوز لحديث معاذ رضى الله تعالى عنه من نقل عشره وصدقته من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته في مخلاف عشيرته أي مردودة عليهم (ولنا) ظاهر قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء وتخصيص فقراء البلدة ليس لمعنى في أعيانهم فلا يمنع جواز الصرف إلى غيرهم لان ما هو المقصود وهو سد خلة المحتاج قد حصل وقول معاذ رضى اله تعالى عنه محمول على بيان الأولى. ألا ترى أنه حين كان باليمن كان ينقل الصدقة إلى المدينة على ما قال في خطبته وأنفع لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار وإنما كان ينقل إلى المدينة لان فقراءها كانوا أشرف الفقراء حيث هجروا أوطانهم وهاجروا لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم أحكام الدين وعلى هذا روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى انه إذا كان لصاحب المال قرابة محتاجون في بلدة أخرى فلا بأس بأن يصرف الصدقة إليهم وهو أفضل له لما فيه من صلة الرحم مع اسقاط الفرض عن نفسه (قال) ومن كان في عسكر الخوارج سنين فلم يؤد صدقة ماله ثم تاب لم يؤخذ بها لأنه لم يكن تحت حماية الامام حين وجبت عليه فحكمه كأن لا يجرى عليه وعليه أن يؤدى فيما بينه وبين الله تعالى لان الحق قد لزمه بتقرر سببه فلا يسقط عنه الا بالأداء وصارت الأموال الظاهرة في حقه حين لم يثبت للامام حق الاخذ منها كالأموال الباطنة (قال) والعاشر يأخذ الصدقة من رسول أهل البغي إذا مر عليه كما يأخذها من المسلم لان أهل البغي مسلمون كما قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا إلى قوله فان بغت إحداهما على الأخرى. وقال علي رضي الله عنه إخواننا بغوا علينا وإنما يأخذ من سائر المسلمين ما لزمهم من الزكاة من المال الممرور به عليه فكذلك من أهل البغي (قال) ومن أسلم في دار الحرب وأقام في تلك الدار سنين فان عرف وجوب الزكاة عليه فلم يؤدها ثم خرج الينا لم يؤخذ بها لأنه لم يكن تحت حماية الامام في ذلك الوقت ولكنه يفتى بأدائها فيما بينه وبين الله تعالى وإذا لم يعلم بوجوب الزكاة عليه فليس عليه أداؤها الا على قول زفر رحمه الله تعالى والقياس ما قاله لأنه بقبول الاسلام صار قابلا لاحكامه وجهله عذر في دفع المأثم لا في اسقاط الواجب بعد تقرر سببه ولكنا استحسنا وقلنا توجه خطاب الشرع يتوقف على البلوغ إليه. ألا ترى أن أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد تحول القبلة إلى الكعبة وجوز لهم ذلك لأنه لم يبلغهم وهذا لان التكليف بحسب الوسع ولا وسع في حق العمل
(١٨١)