فقال عمر رضي الله عنه للساعي عد عليهم السخلة وان جاء بها الراعي يحملها على كتفه ألسنا تركنا لكم الربى والأكيلة والماخض وفحل الغنم وذلك عدل بين خيار المال ورذاله فبقول عمر رضي الله عنه أخذنا وقلنا لا تؤخذ الربى وهي التي تربى ولدها ولا الا كيلة وهي التي تسمن للأكل قال يونس رحمه الله تعالى هي الأكولة وأما الأكيلة فهي التي تكثر تناول العلف ولكن في عادة العوام أنهم يسمون التي تسمن للأكل الأكيلة ومقصود محمد رحمه الله تعالى تعليم العوم فاختار ما كان معروفا في لغتهم ليكون أقرب إلى أفهامهم مع ما فيه من اتباع الأثر إلا أن يشكل عليه هذه اللغة والماخض هي التي في بطنها ولد وفحل الغنم ظاهر لا يؤخذ من ذلك شئ لأنها من أعز الأموال عند أرباب المواشي. وقال صلى الله عليه وسلم إياكم وكرائم أموال الناس ثم كما نظرنا لأرباب الأموال في ترك الاخذ من الكرائم نظرنا للفقراء في ترك الاخذ من الصغار والعجاف مع عدها عليهم ليعتدل النظر من الجانبين (قال) وإذا وجبت الصدقة في السائمة ثم باعها صاحبها جاز بيعه عندنا ولم يجز في قدر الزكاة عند الشافعي رحمه الله تعالى قولا واحدا وله فيما وراء ذلك قولان. وحجته أن نصاب الزكاة صار مشغولا بحق الفقراء فيمتنع على صاحبها بيعها كالعبد المديون والنصاب لوجوب الزكاة فيه يصير كالمرهون بما وجب فيه وبيع المرهون لا يجوز. وعلماؤنا رحمهم الله تعالى استدلوا بحديث حكيم ابن حزام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إليه دينارا وأمره أن يشترى به أضحية فاشترى شاة بالدينار ثم باعها بدينارين فاشترى شاة أخرى بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لك في صفقتك فقد جوز بيع الأضحية بعد ما وجب حق الله تعالى فيها فصار هذا أصلا لنا أن تعلق حق الله تعالى في المال لا يمنع جواز البيع فيه والمعنى ان البيع يعتمد الملك والقدرة على التسليم وملكه باق بعد وجوب الزكاة فيها وقدرته على التسليم باعتبار يده ولم يختل ذلك بوجوب الزكاة فيه فكان بيعه نافذا بخلاف المرهون فان اليد هناك مستحقة عليه للمرتهن فلم يكن مقدور التسليم له بخلاف العبد المديون فان ماليته مستحقة عليه للغريم بدينه وجواز البيع باعتبار المالية ثم الزكاة في المال لا تتعلق بالمال تعلقا يتعين فيه حتى أن لصاحب المال اختيار الأداء من موضع آخر فهو نظير تعلق حق أولياء الجناية برقبة الجاني وذلك لا يمنع صحة بيع المولى فيه كما قلنا فكذلك هذا (قال) وإذا حضر المصدق بعد البيع فالقياس أن يأخذ
(١٧٣)