الزكاة لما مضى إذا أخذه بمنزلة الجاحد سرا وعلانية (قال) وإذا كان النصاب كاملا في أول الحول وآخره فالزكاة واجبة وان انتقص فيما بين ذلك وقتا طويلا ما لم ينقطع أصله من يده ومال السائمة والتجارة فيه سواء عندنا. وقال زفر رحمه الله تعالى لا تلزمه الزكاة إلا أن يكون النصاب من أول الحول إلى آخره كاملا وقال الشافعي رحمه الله تعالى في السائمة كذلك وفى مال التجارة قال إنما يعتبر كمال النصاب في آخر الحول خاصة ولا يعتبر في أوله. وجه قول زفر رحمه الله تعالى أن حولان الحول على المال شرط لوجوب الزكاة وكل جزء من الحول بمنزلة أوله وآخره. ألا ترى أنه لو هلك جميع النصاب في خلال الحول يجعل كهلاكه في أول الحول وآخره وكذلك السائمة إذا جعلها حمولة أو علوفة في وسط الحول انقطع به الحول كما لو فعل ذلك في أوله وآخره وهذا لان ما دون النصاب ليس بمحل لوجوب الزكاة فيه كالعلوفة. وقال الشافعي رحمه الله تعالى في السائمة كذلك وفى مال التجارة قال القياس هكذا ولكني أزكيه لان النصاب فيها معتبر من القيمة ويشق على صاحب المال تقويم ماله في كل يوم فلدفع المشقة قلنا إنما يعتبر كمال النصاب عند وجوب الزكاة وذلك في آخر الحول (ولنا) ان اشتراط كمال النصاب ليحصل به صفة الغنى للمالك والغنى معتبر عند ابتداء الحول لينعقد الحول على المال وعند كماله لتجب الزكاة فاما فيما بين ذلك فليس بحال انعقاد الحول ولا بحال وجوب الزكاة فلا يشترط غنى المالك فيه إنما هو حال بقاء الحول المنعقد فلا بد من بقاء شئ من المحل لبقاء الحول فإذا هلك كله لم يبق شئ من المحل صالحا لبقاء الحول وكذلك إذا جعلها علوفة أو أعدها للاستعمال لم يبق شئ من المحل صالحا لبقاء الحول فاما بعد هلاك البعض فبقي المحل صالحا لبقاء الحول وهو نظير عقد المضاربة يبقى على الألف ببقاء بعضها حتى إذا ربح فيها يحصل جميع رأس المال أو لا بخلاف ما إذا هلكت كلها وما اعتبره الشافعي رحمه الله تعالى من المشقة صالح لاسقاط اعتبار كمال النصاب في خلال الحول لا في أوله لأنه لا يشق عليه تقويم ماله عند ابتداء الحول ليعرف به انعقاد الحول كما لا يشق عليه ذلك في آخر الحول ليعرف به وجوب الزكاة في ماله (قال) ويحتسب على الرجل في سائمته العمياء والعجفاء والصغيرة وما أشبهها ولا يؤخذ شئ منها لان المعتبر فيها كمال النصاب من حيث العدد وذلك حاصل بالكل والأصل فيه حديث عمر رضي الله عنه فان الناس شكوا إليه من السعاة فقالوا انهم يعدون علينا السخال ولا يأخذونها
(١٧٢)