المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٧٤
فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة فقال ماذا أصنع بجبائري فقال امسح عليها * والحاصل أنه إذا كأن لا يضره الغسل بنوع من الماء حار أو بارد فعليه أن يغسله وإن كان بحيث يضره المسح على الجبائر لم يمسح عليه لان الغسل أقوى من المسح ولما سقط الغسل عن هذا الموضع لخوف الضرر فكذلك المسح وان كأن لا يضره المسح مسح عليها لان الطاعة بحسب الطاقة فان ترك المسح وهو لا يضره قال في الأصل لم يجزه في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولم يذكر قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى غير رواية الأصول عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يجزئه وقيل هو قوله الأول ثم رجع عنه إلى قولهما.
وجه قولهما أنه لو ترك الغسل وهو لا يضره لم يجزه فكذلك المسح اعتبارا للبدل بالأصل وأبو حنيفة رحمه الله تعالى قال لو ألزمناه المسح كان بدلا عن الغسل ونصب الابدال بالآحاد من الاخبار لا يجوز ثم وجوب البدل في موضع كان يجب الأصل وهاهنا لو كان هذا الموضع باديا لم يجب غسله فكذلك لا يجب المسح على الجبيرة بدلا عنه وبه فارق الخف * قال (وان مسح على الجبائر ثم دخل في الصلاة ثم سقطت الجبائر عنه مضى على صلاته) وهذا إذا كان سقوطها عن غير برء فإن كان عن برء فعليه غسل ذلك الموضع واستقبال الصلاة لزوال العذر فأما إذا سقط عن غير برء فالمسح على الجبائر كالغسل لما تحته ما دامت العلة باقية ولهذا لا يتوقف بخلاف المسح بالخف * قال (وان كانت الجراحة في جانب رأسه لم يجزه إلا أن يمسح على الجانب الآخر مقدار المسح) لأن المفروض من المسح مقدار ربع الرأس وقد وجد هذا القدر من المحل صحيحا فلا حاجة به إلى المسح على الجبائر والعراقيون يقولون في مثل هذا ان ذهب عير فعير في الرباط * قال (وإذا قلس أقل من ملء فيه فلا وضوء عليه) الا على قول زفر رحمه الله تعالى فإنه يقول ثبت من أصلنا أن القلس حدث فلا فرق بين قليله وكثيره كالخارج من السبيلين (ولنا) قول على رضى الله تعالى عنه حين عد الاحداث فقال أودسعة (1) تملأ الفم ولان القياس أن القلس لا يكون حدثا لان الحدث خارج نجس بقوة نفسه والقلس مخرج لا خارج فان من طبع الأشياء السيالة أنها لا تسيل من فوق إلى فوق الا بدافع دفعها أو جاذب جذبها فهو كالدم إذا ظهر على رأس الجرح

(1) {أودسعة} قال في اللسان ودسع فلان بقيئه إذا رمى به وفي حديث علي كرم الله وجهه وذكر ما يوجب الوضوء فقال أودسعة تملأ الفم يريد الدفعة الواحدة من القئ اه‍ كتبه مصححه.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست