المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢١٩
ولأنه يجب بترك بعض السنن والخلف لا يكون أقوى فوق الأصل. إذا عرفنا هذا فنقول إذا سها ولم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وذلك أول ما سها استقبل الصلاة لحديث عبد الله ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شك في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليستقبل ولان الاستقبال لا يريبه والمضي يريبه بعد الشك والاحتياط في العبادة ليؤديها بكمالها واجب. ومعنى قوله وذلك أول ما سها أن السهو ليس بعادة له لأنه لم يسه في عمره قط وان لقي ذلك غير مرة تحرى الصواب وأتم الصلاة على ذلك لحديث أبن مسعود رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شك في صلاته فليتحر الصواب ولأنا لو أمرناه بالاستقبال يقع في الشك ثانيا وثالثا إذا صار ذلك عادة له فيتعذر عليه المضي في الصلاة فلهذا تحرى وشهادة القلب في التحري تكفى عندنا لقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن ينظر بنور الله وعند الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يكفي ما لم ينضم إليه دليل آخر لأنه مجرد الظن وان الظن لا يغنى من الحق شيئا وإن لم يكن له تحر أخذ بالأقل لحديث عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شك في صلاته فليأخذ بالأقل وليصل حتى يشك في الزيادة كما يشك في النقصان ولأنه متيقن بوجوب الأداء عليه فلا يترك هذا اليقين الا بيقين مثله وذلك في الأقل إلا أنه في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته فيقعد لا محالة لان قعدة الختم ركن والاشتغال بالنافلة قبل اكمال الفرض مفسد لصلاته ثم يسجد للسهو بعد السلام عندنا. وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه قبل السلام لحديث عبد الله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو قبل السلام وما روى بعد السلام أي بعد التشهد كما قلتم في قوله وفى كل ركعتين فسلم أي فتشهد ولان سجود السهو مؤدى في حرمة الصلاة ولهذا لو أدرك الامام فيه صح اقتداؤه به والسلام محلل له فينبغي أن يتأخر عن كل ما يؤدي في حرمة الصلاة فكان هذا قياس سجدة التلاوة (ولنا) حديث ابن مسعود وعائشة وأبي هريرة رضى الله تعالى عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو بعد السلام وما روى قبل السلام أي قبل السلام الثاني فان عندنا يسلم بعد سجود السهو أيضا إذ بما وقع الاختلاف في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصار إلى قوله وفى حديث ثوبان لكل سهو سجدتان بعد السلام ولان سجود السهو مؤخر عن محله فلو كان
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست