المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٨٥
الصلاة والسلام الاثنان فما فوقهما جماعة فان وقفت بحذاء الامام تأتم به وقد نوى إمامتها فسدت صلاة الامام والقوم كلهم لان صلاة الامام بسبب المحاذاة في صلاة مشتركة تفسد وبفساد صلاته تفسد صلاة القوم وكان محمد بن مقاتل يقول لا يصح اقتداؤها لان المحاذاة اقترنت بشروعها في الصلاة ولو طرأت كانت مفسدة لصلاتها فإذا اقترنت منعت صحة اقتدائها وهذا فاسد لان المحاذاة لا تؤثر في صلاتها وإنما تبطل صلاتها بفساد صلاة الامام فلا تفسد صلاة الامام الا بعد شروعها لان المحاذاة ما لم تكن في صلاة مشتركة لا تؤثر في صلاتها الا فسادا حتى أن الرجل والمرأة إذا وقفا في مكان واحد فصلى كل واحد منهما وحده لا تفسد صلاة الرجل لان الترتيب في المقام إنما يلزمه عند المشاركة كالترتيب بين المقتدى والامام والأصل فيه حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل وأنا نائمة بين يديه معترضة كاعتراض الجنازة فكان إذا سجد خنست رجلي وإذا قام مددتهما. وأما إذا لم ينو الامام إمامتها لم تكن داخلة في صلاته فلا تفسد الصلاة على أحد بالمحاذاة عندنا وقال زفر رحمه الله تعالى يصح اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها والقياس ما قاله زفر فان الرجل صالح لامامة الرجال والنساء جميعا ثم اقتداء الرجال بالرجل صحيح وإن لم ينو الإمامة فكذلك اقتداء النساء واستدل بالجمعة والعيدين فان اقتداء المرأة بالرجل صحيح فيهما وإن لم ينو إمامتها (ولنا) أن الرجل لما كان يلحق صلاته فساد من جهة المرأة أمكنه التحرز عنه بالنية كالمقتدى لما كانت صلاته يلحقها فساد من جهة الامام أمكنه التحرز عنه بالنية وهو أن لا ينوي الاقتداء به وهذا لأنا لو صححنا اقتداءها بغير النية قدرت على افساد صلاة الرجل كل امرأة متى شاءت بأن تقتدي به فتقف إلى جنبه وفيه من الضرر مالا يخفى وفى صلاة الجمعة والعيدين أكثر مشايخنا قالوا لا يصح اقتداؤها به ما لم ينو إمامتها وإن كان الجواب مطلقا في الكتاب ومنهم من سلم فقال الضرورة في جانبها هاهنا لأنها لا تقدر على أداء صلاة العيد والجمعة وحدها ولا تجد اماما آخر تقتدي به والظاهر أنها لا تتمكن من الوقوف بجنب الامام في هذه الصلوات لكثرة الازدحام فصححنا اقتداءها به لدفع الضرر عنها بخلاف سائر الصلوات وروي الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها إذا وقفت خلف الامام جاز اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها ثم إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها لا صلاة الرجل وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست