المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٦٦
وقيل يضع إحداهما على الأخرى لان القنوت مشبه بالقراءة وهو الأصح فالوضع سنة القيام فكل قيام فيه ذكر فإنه يطول فالوضع فيه أولى وعن محمد بن الحنيفة رضى الله تعالى عنه قال الدعاء أربعة دعاء رغبة ودعاء رهبة ودعاء تضرع ودعاء خفية ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه نحو السماء وفى دعاء الرهبة يجعل ظهر كفيه إلى وجهه كالمستغيث من الشئ وفى دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق بالابهام والوسطى ويشير بالسبابة ودعاء الخفية ما يفعله المرء في نفسه وعلى هذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في الاملاء يستقبل بباطن كفيه القبلة عند افتتاح الصلاة واستلام الحجر وقنوت الوتر وتكبيرات العيد ويستقبل بباطن كفيه السماء عند رفع الأيدي على الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعند الجمرتين لأنه يدعو في هذه المواقف بدعاء الرغبة. والاختيار الاخفاء في دعاء القنوت في حق الامام والقوم لقوله صلى الله عليه وسلم خير الدعاء الخفي وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى ان الامام يجهر والقوم يؤمنون على قياس الدعاء خارج الصلاة * قال (وإذا أم الرجل نساء في مسجد جماعة ليس معهن رجل فلا بأس بذلك) لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه أمر أبي بن كعب أن يصلى بالرجال في ليالي رمضان وسليمان بن أبي حثمة بأن يصلى بالنساء ولان المسجد ليس بموضع الخلوة فلا بأس للرجل أن يجمع معهن فيه فأما في غير المسجد من البيوت ونحوها فإنه يكره ذلك إلا أن يكون معهن ذو رحم محرم منهن لقوله صلى الله عليه وسلم ألا لا يخلون رجل بامرأة ليس منها بسبيل فان ثالثهما الشيطان وبتفرد النساء يزداد معنى خوف الفتنة فلا تزول الكراهة إلا أن يكون معهن محرم لحديث أنس رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بيتهم قال فأقامني واليتيم من ورائه وأقام أمي أم سليم وراءنا ولان بوجود المحرم يزول معنى خوف الفتنة ويستوى إن كان المحرم لهن أو لبعضهن وتجوز الصلاة بكل حال لان الكراهة لمعنى في غير الصلاة * قال (رجل فاتته الصلاة بالجماعة في مسجد حيه فان أتى مسجدا آخر يرجو ادراك الجماعة فيه فحسن وان صلى في مسجد حيه فحسن) لحديث الحسن قال كانوا إذا فاتتهم الجماعة فمنهم من يصلى في مسجد حيه ومنهم من يتبع الجماعة ومراده الصحابة ولان في كل جانب مراعاة جهة وترك أخرى في أحد الجانبين مراعاة حرمة مسجده وترك الجماعة وفى الجانب الآخر مراعاة فضيلة الجماعة وترك حق مسجده فإذا تعذر الجمع بينهما مال إلى
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست