وأما العصر يؤدى في حال حاجة الناس إلى الرجوع إلى منازلهم فلتكن القراءة فيها دون ذلك وكذلك العشاء تؤدى في حال عزم الناس على النوم والمغرب تؤدى في حال عزم الناس على الأكل فلتكن القراءة فيها أقصر لقلة صبر الناس على الأكل خصوصا للصائمين * قال (وما قرأ في الوتر من شئ فهو حسن) وقد بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الركعة الأولى من الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وفى الثانية بقل يا أيها الكافرون وفى الثالثة بقل هو الله أحد * والكلام فيه في فصول (أحدها) أن الوتر ثلاث ركعات لا يسلم الا في أخرهن عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ركعة واحدة وقال مالك رحمه الله تعالى ثلاث ركعات بتسليمتين واستدل الشافعي بقوله عليه الصلاة والسلام ان الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن ومالك استدل بحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة يوتر لك ما قبله وكان سعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنه يوتر بركعة واحدة (ولنا) حديث عائشة رضى الله تعالى عنها كما روينا في صفة قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوتر بثلاث وبعث ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أمه لتراقب وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت أنه أوتر بثلاث ركعات قرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفى الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد وقنت قبل الركوع وهكذا ذكر ابن عباس رضى الله تعالى عنهما حين بات عند خالته ميمونة ليراقب وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما رأى عمر رضى الله تعالى عنه سعدا يوتر بركعة فقال ما هذه البتيراء لتشفعنها أو لأؤذينك وإنما قال ذلك لان الوتر اشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء وقال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه والله ما أخرت ركعة قط ولأنه لو جاز الاكتفاء بركعة في شئ من الصلوات لدخل في الفجر قصر بسبب السفر ولا حجة له فيما روى فان الله تعالى وتر لامن حيث العدد (والفصل الثاني) أنه يقنت في الوتر في جميع السنة عندنا لما روينا وعند الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يقنت الا في النصف الأخير من رمضان لما روي أن عمر رضى الله تعالى عنه لما أمر أبي بن كعب بالإمامة في ليالي رمضان أمره بالقنوت في النصف الأخير منه وتأويله عندنا أن المراد بالقنوت طول القراءة لا القنوت في الوتر (والثالث) أنه يقنت قبل الركوع عندنا لما روينا من الآثار ولان القنوت في معنى القراءة فان قوله اللهم أنا نستعينك
(١٦٤)