عن اتمام ما ضمن لهم الوفاء به فيستعين بمن قدر عليه والدليل على جواز هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر أبا بكر رضى الله تعالى عنه أن يصلى بالناس وجد في نفسه خفة فخرج يهادى بين اثنين بعدما افتتح أبو بكر الصلاة فلما سمع أبو بكر حس رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخر وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تأخر لأنه عجز عن المضي لقوله تعالى لا تقدموا بين يدي الله ورسوله فصار هذا أصلا في حق كل امام عجز عن الاتمام أنه يتأخر ويستخلف ثم يتوضأ ويبنى على صلاته ما لم يتكلم فان تكلم واستقبل فهو أفضل ليكون أبعد عن شبهة الاختلاف وأقرب إلى الاحتياط فإن كان حين يرجع إلى أهله بال واستمشى لم يبن علي صلاته لان هذا حدث عمد فهو بمنزلة الكلام أو فوقه في افساد الصلاة وجواز البناء كان بالآثار في الحدث الذي يسبقه فلا يقاس من يتعمد الحدث لان فيما يسبقه بلوى وضرورة بخلاف ما يتعمده ولهذا لو ابتلى بالجنابة في خلال الصلاة لم يبن بعد الاغتسال لأنه مما لا تعم به البلوى * قال (فان تكلم في صلاته ناسيا أو عامدا مخطئا أو قاصدا استقبل الصلاة) وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا كان ناسيا أو مخطئا لا يستقبل الا إذا طال كلامه واحتج بقوله تعالى ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به وبقوله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه واعتماده على حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم احدى صلاتي العشى اما الظهر واما العصر فسلم على رأس ركعتين فقام رجل يقال له ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة أم نسيتها فقال كل ذلك لم يكن فقال بعض ذلك قد كان فنظر إلى أبي بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما وقال أحق ما يقول ذو اليدين فقالا نعم فأتم صلاته وسجد للسهو فقد تكلم ناسيا ثم بنى على صلاته وقاس الكلام بالسلام لان كل واحد منهما قاطع ثم في السلام فصل بين العمد والنسيان فكذلك الكلام بخلاف الحدث فإنه مناف للصلاة لأنه ينعدم به شرطها فسوينا بين النسيان والعمد لهذا * ولنا ما روينا وليبن علي صلاته ما لم يتكلم فدل أن بعد الكلام لا يجوز البناء قط وفي حديث أبن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قدم من الحبشة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فسلم عليه فلم يرد عليه السلام قال فأخذني ما قرب وما بعد فلما فرغ قال يا ابن مسعود ان الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء وان مما أحدث أن لا يتكلم في الصلاة وفي حديث معاوية بن الحكم رضى الله
(١٧٠)