المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١١٥
زفر رحمه الله إذا كان بحيث يصل إلى الماء قبل خروج الوقت لا يجزئه التيمم وإن كان لا يصل إلى الماء قبل خروج الوقت يجزئه التيمم وإن كان الماء قريبا منه لان التيمم لضرورة الحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت ولكنا نقول التفريط جاء من قبله بتأخير الصلاة فليس له أن يتيمم إذا كان الماء قريبا منه ومن العلماء من يقول إذا كأن لا يبلغه صوتهم فبعيد فحينئذ يجوز له التيمم * قال (وإذا كان مع رفيقه ماء فعليه أن يسأله) الا على قول الحسن بن زياد رحمه الله تعالى فإنه كأن يقول السؤال ذل وفيه بعض الحرج وما شرع التيمم الا لدفع الحرج ولكنا نقول ماء الطهارة مبذول بين الناس عادة وليس في سؤال ما يحتاج إليه مذلة فقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض حوائجه من غيره فان سأله فأبى أن يعطيه الا بالثمن فإن لم يكن معه ثمنه يتيمم لعجزه عن استعمال الماء وإن كان معه ثمنه فان أعطاه بمثل قيمته في ذلك الموضع أو بغبن يسير فليس له أن يتيمم وان أبى أن يعطيه الا بغبن فاحش فله أن يتيمم * وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى يلزمه الشراء بجميع ماله لأنه لا يخسر على هذه التجارة ولا نأخذ بهذا فان حرمة مال المسلم كحرمة نفسه فإذا كان يلحقه خسران في ماله ففرضه التيمم والغبن الفاحش خسران وقد بين ذلك في النوادر فقال إن كان الماء الذي يكفي للوضوء يوجد في ذلك الموضع بدرهم فأبى أن يعطيه الا بدرهم ونصف فله أن يشترى وان أبى أن يعطيه الا بدرهمين تيمم ولم يشتر فجعل الغبن الفاحش في تضعيف الثمن. وإنما قلنا إذا كان يعطيه بمثل الثمن فعليه أن يشترى لان قدرته على بدل الماء كقدرته على عينه كما أن القدرة على ثمن الرقبة كالقدرة على عينها في المنع من التكفير بالصوم، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى في الاملاء سألت أبا حنيفة رضى الله تعالى عنه عن المسافر لا يجد الماء أيطلبه عن يمين الطريق وعن يساره قال إن طمع في ذلك فليفعل ولا يبعد فيضر بأصحابه ان انتظروه أو بنفسه ان انقطع عنهم ولا يطلب ذلك إلا أن يخبر بماء فيطلبه الغلوة ونحوها لان الطلب إنما يؤمر به إذا كان على رجاء من وجوده فإن لم يكن على رجاء منه فلا فائدة في الطلب وعدم الوجود كالوجود يتحقق من غير تقدم الطلب يقال وجد فلان لقطة وقال الله تعالى ووجدك عائلا فأغنى * قال (وإن كان المسافر في ردغة وطين لا يجد الماء ولا الصعيد نفض ثوبه أو لبده وتيمم بغباره) ولا يؤمر بالتيمم بالطين وإن كان لو فعل أجزأه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان فيه تلويث الوجه وهو مثلة ولكنه ينفض لبده
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست