المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١١٧
بالله لم يبطل وضوءه) لان الردة ليست بحدث وهو كفر والكفر لا يمنع ابتداء الوضوء فلا يمنع البقاء بطريق الأولى (فان قيل) أليس أن الردة تحبط عمله ووضوءه من عمله (قلنا) الردة تحبط ثواب العمل وذلك لا يمنع زوال الحدث كمن توضأ على قصد المراءاة زال الحدث به وان كأن لا يثاب على وضوئه) قال (ولو تيمم المسلم ثم ارتد لم يبطل تيممه) الا على قول زفر رحمه الله تعالى فإنه يقول الكفر يمنع ابتداء التيمم فيمنع البقاء كمن صلى ثم ارتد بطلت صلاته حتى لو أسلم في الوقت لم تلزمه الإعادة ولكنا نقول تيممه قد صح باقتران نية القربة فلا ينقضه الا الحدث أو وجود الماء والردة ليست بحدث وهذا لان التيمم إنما يفارق الوضوء في اشتراط النية وذلك في الابتداء لا في البقاء ففي البقاء الوضوء والتيمم سواء فكما يبقى وضوءه بعد ردته فكذلك تيممه * قال (وللمسافر أن يطأ جاريته وان علم أنه لا يجد الماء) وقال مالك رحمه الله تعالى يكره ذلك * وروي أن رجلا سأل ابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن ذلك فقال أما ابن عمر فلا يفعل ذلك وأما أنت إذا وجدت الماء فاغتسل قال مالك رحمه الله تعالى الضرورة لا تتحقق في اكتساب سبب الجنابة في حال عدم الماء والصلاة مع الجنابة أمر عظيم فلا ينبغي أن يتعرض لذلك من غير ضرورة (ولنا) قوله تعالى أو لامستم النساء فذلك يفيد إباحة الملامسة في حال عدم الماء ثم التيمم للجنابة والحدث بصفة واحدة وكما يجوز له اكتساب سبب الحدث في حال عدم الماء فكذلك اكتساب سبب الجنابة لان في منع النفس بعد غلبة السبق بعض الحرج وما شرع التيمم الا لدفع الحرج * قال (ومن تيمم وهو يريد تعليم الغير ولا يريد به الصلاة لم يجزه) لما بينا أن التيمم في اللغة هو القصد وذلك يدل على اشتراط النية فيه وظاهر ما يقول في الكتاب أنه يحتاج إلى نية الصلاة. وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن نية الطهارة تكفى وكان أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى يقول يحتاج إلى نية التيمم للحدث أو الجنابة لان التيمم لهما بصفة واحدة فلا يتميز أحدهما من الآخر الا بالنية * قال (ولو تيمم بنية النفل جاز له أداء الفرض) عندنا خلافا للشافعي رضي الله عنه وقد بينا هذا أنه يعتبر الضرورة للتيمم ثم أداء النافلة بالتيمم يجوز عندنا كأداء الفرض وقال الزهري رضي الله تعالى عنه لا يجوز لأنه لا ضرورة في أداء النافلة * قال (مسافرة طهرت من حيضها فلم تجد ماء فتيممت وصلت فلزوجها أن يقربها) لأنا حكمنا بطهارتها حين صح تيممها وتأكد ذلك بجواز صلاتها ولم يذكر ما إذا تيممت ولم تصل
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست