المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
حكما وكذلك إذا نزلوا المدينة وحاصروا أهلها في الحصن فلا قرار لهم ما داموا محاربين فكان نية الإقامة في غير موضع الإقامة مقاس نية السفر في غير موضعها وكذلك ان حاربوا أهل البغي في دار الاسلام وحاصروهم وقال زفر رحمه الله تعالى في الفصلين جميعا ان كانت الشوكة والغلبة للعدو لم تصح نيتهم الإقامة وان كانت الشوكة لهم صحت نيتهم الإقامة لأنهم يتمكنون من الفرار باعتبار الظاهر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ان كانوا في الأخبية والفساطيط خارج البلدة لم تصح نيتهم الإقامة وان كانوا في البيوت والأبنية صحت نيتهم الإقامة لان الأبنية موضع الإقامة دون الصحراء وعلى هذا اختلف المتأخرون في الذين يسكنون الأخبية في دار الاسلام كالاعراب والا تراك فمنهم من يقول لا يكونون مقيمين أبدا لأنهم ليسوا في موضع الإقامة والأصح أنهم مقيمون لان الإقامة للمرء أصل والسفر عارض وهم لا ينوون السفر قط إنما ينتقلون من ماء إلى ماء ومن مرعى إلى مرعى فكانوا مقيمين باعتبار الأصل * قال (وإذا مر الامام بمدينة وهو مسافر فصلى بهم الجمعة أجزأه وأجزأهم) وقال زفر رحمه الله تعالى لا يجوز لأنه لا جمعة على المسافر قال صلى الله عليه وسلم أربعة لا جمعة عليهم المسافر والمريض والعبد والمرأة فكان هذا في معنى اقتداء المفترض بالمتنفل ولكنا نقول قد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة بمكة وهو كان مسافرا بها ثم صلاة الجمعة من غيره في هذا الموضع إنما تجوز بأمره فلان تجوز منه أولى وإنما لا يجب الحضور على المسافر لدفع الحرج فإذا حضر وأدى كان مفترضا كالمريض وكذلك الأمير يطوف في بلاد عمله وهو مسافر فهو والامام سواء في هذا * قال (ويصلى المسافر التطوع على دابته بايماء حيثما توجهت به) لحديث أبن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى على دابته تطوعا حيثما توجهت به وتلا قوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله وعن جابر رضى الله تعالى عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة إنما يتطوع على دابته بالايماء ووجهه إلي المشرق إلا أن في حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنه أنه كان ينزل للوتر والمكتوبة وفي حديث جابر رضى الله تعالى عنه ذكر أنه كان يوتر على دابته وينزل للمكتوبة ولو لم يكن له في التطوع على الدابة من المنفعة الا حفظ اللسان وحفظ النفس عن الوساوس والخواطر الفاسدة لكان ذلك كافيا * قال (وإن كان على سرجه قذر فكذلك تجوز صلاته) وكان محمد بن مقاتل وأبو حفص النجاري رحمهما الله تعالى يقولان لا تجوز إذا كانت النجاسة في
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 » »»
الفهرست