يستدل بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استجمر فليوتر من فعل هذا فقد أحسن ومن لا فلا حرج وهذا ضعيف فان آخر الفعلين يكون ناسخا لأولهما والقول بالتخيير بين الناسخ والمنسوخ عملا لا يجوز * قال (والقراءة في الركعتين الأوليين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة وفى الأخيرتين بفاتحة الكتاب) وان تركها جاز والمذهب عندنا ان فرض القراءة في الركعتين من كل صلاة. وكان الحسن البصري يقول في ركعة واحدة وكان مالك يقول في ثلاث ركعات والشافعي رضى الله تعالى عنه يقول في كل ركعة واستدل الحسن البصري بقوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة الا بقراءة وهذا يقتضى فرضية القراءة لا تكرارها فان الكل صلاة واحدة وهذا ضعيف فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم الاكتفاء بالقراءة في ركعة واحدة في شئ من الصلوات ولو جاز ذلك لفعله مرة تعليما للجواز وقد سمى الله تعالى الفاتحة مثاني لأنها تثنى في كل صلاة أي تقرأ مرتين والشافعي رضي الله عنه احتج فقال أجمعنا على فرضية القراءة في كل ركعة من التطوع والفرض أقوى من التطوع فثبتت الفرضية في كل ركعة من الفرض بطريق الأولى ولان كل ركعة تشتمل على أركان الصلاة وسائر الأركان كالقيام والركوع والسجود فرض في كل ركعة فكذلك ركن القراءة وهكذا قال مالك رحمه الله إلا أنه قال أقيم القراءة في أكثر الركعات مقامها في الجميع تيسيرا * ولنا اجماع الصحابة فان أبا بكر كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين زمن النبي صلى الله عليه وسلم على جهة الثناء * وروى أنه قرأ في الأخيرتين آمن الرسول على جهة الثناء وعمر رضى الله تعالى عنه ترك القراءة في ركعة من صلاة المغرب فقضاها في الركعة الثالثة وجهر. وعثمان رضى الله تعالى عنه ترك القراءة في الأوليين من صلاة العشاء فقضاها في الأخيرتين وجهر. وعن علي وابن مسعود رضي الله عنهما انهما كانا في الأخيرتين يسبحان وسأل رجل عائشة رضى الله تعالى عنها عن قراءة الفاتحة في الأخيرتين فقالت أقرأ ليكون على جهة الثناء وكفى باجماعهم حجة * قال (ثم القراءة في الأخيرتين ذكر يخافت بها في كل حال) فلا تكون ركنا كثناء الافتتاح وتأثيره أن مبنى الأركان على الشهرة والظهور ولو كانت القراءة في الأخيرتين ركنا لما خالف الأوليين في الصفة كسائر الأركان وكل شفع من التطوع صلاة على حدة بخلاف الفرض حتى أن فساد الشفع الثاني في التطوع لا يوجب فساد الشفع الأول * وروي الحسن عن أبي حنيفة أن الأفضل له أن يقرأ الفاتحة في
(١٨)