يصرف عنى سيئها الا أنت أنابك ولك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك فتأويل هذا كله عندنا أنه كان في التهجد بالليل والامر فيه واسع فأما في الفرائض فإنه لا يزيد على ما اشتهر فيه الأثر. ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في نفسه لما روى أن أبا الدرداء رضى الله تعالى عنه قام ليصلى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن . والذين نقلوا صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ذكروا تعوذه بعد الافتتاح قبل القراءة ولان من أراد قراءة القرآن ينبغي له أن يتعوذ لقوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وأصحاب الظواهر أخذوا بظاهر الآية وقالوا نتعوذ بعد القراءة لان الفاء للتعقيب ولكن هذا ليس بصحيح لأن هذه الفاء عندنا للحال كما يقال إذا دخلت على السلطان فتأهب أي إذا أردت الدخول عليه فتأهب فكذا معنى الآية إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ. بيانه في حديث الإفك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كشف الرداء عن وجهه فقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ان الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم الآيات. وبظاهر الآية قال عطاء الاستعاذة تجب عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وهو مخالف لاجماع السلف فقد كانوا مجمعين على أنه سنة * وبين القراء اختلاف في صفة التعوذ فاختيار أبى عمرو وعاصم وابن كثير رحمهم الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم زاد حفص من طريق هبيرة أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان واختيار نافع وابن عامر والكسائي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم واختيار حمزة الزيات أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وهو قول محمد بن سيرين وبكل ذلك ورد الأثر. وإنما يتعوذ المصلى في نفسه إماما كان أو منفردا لان الجهر بالتعوذ لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان يجهر به لنقل نقلا مستفيضا والذي روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه جهر بالتعوذ تأويله أنه كان وقع اتفاقا لا قصدا أو قصد تعليم السامعين أن المصلى ينبغي أن يتعوذ كما نقل عنه الجهر بثناء الافتتاح. فأما المقتدى فلا يتعوذ عند محمد رحمه الله لأنه لا يقرأ خلف الامام فلا يتعوذ حتى أن المسبوق إذا قام لقضاء ما سبق به حينئذ يتعوذ في احدى الروايتين عن محمد. وعن أبي يوسف يتعوذ المقتدى فان التعوذ عنده بمنزلة الثناء لما يأتي بيانه في باب العيدين. والتعوذ عند افتتاح الصلاة خاصة الا على قول ابن سيرين رحمه الله فإنه يقول يتعوذ في كل ركعة كما يقرأ وهذا فاسد
(١٣)