باب في الردة وأحكامها قوله: (المتقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين) ظاهره أن الاسلام يتقرر بمجرد النطق بالشهادتين مختارا ولو لم يقف على الدعائم، وليس كذلك بل لا بد في تقرر الاسلام من الوقوف على الدعائم والتزامه الاحكام بعد نطقه بالشهادتين فمن نطق بالشهادتين ثم رجع قبل أن يقف على الدعائم فلا يكون مرتدا وحينئذ فيؤدب فقط. قوله: (ويكون) أي كفر المسلم بأحد أمور ثلاثة أشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف بصريح الخ ليس من تمام التعريف بل متعلق بمحذوف مستأنف أي ويكون بصريح الخ وإلا لزم أن يكون التعريف غير جامع لأنه لا يشمل الشك في قدم العالم وبقائه مثلا إلا أن يقال إن الشك إما أن يصرح به أو لا، فإن كان الأول كان داخلا في قوله أو لفظ يقتضيه وإن كان الثاني كان داخلا في قوله أو فعل يتضمنه لأن الشك من أفعال القلب، وعلى الأول يكون قول المصنف الآتي أو شك في ذلك عطفا على قوله قدم العالم وعلى الثاني يكون عطفا على إلقاء مصحف. قوله: (بصريح) أي بقول صريح في الكفر. قوله: (أو لفظ يقتضيه) أي يقتضي الكفر أي يدل عليه سواء كانت الدلالة التزامية كقوله الله جسم متحيز فإن تحيزه يستلزم حدوثه لافتقاره للحيز والقول بذلك كفر أو تضمنية كما إذا أتى بلفظ له معنى مركب من كفر وغيره كقوله زيد خداي إذا استعمله في الاله المعبود بحق ولأجل هذا التعميم عبر بيقتضيه دون يتضمنه لإيهامه أن المعتبر في اللفظ دلالة التضمن فقط. قوله: (كقوله الله جسم متحيز) أي وكقوله العزير أو عيسى ابن الله.
قوله: (أو فعل يتضمنه) إسناد التضمن للفعل يدل على أن المراد هنا الالتزام لا حقيقة التضمن الذي هو دلالة الفظ على جزء المعنى الموضوع له. قوله: (ويستلزم الخ) أي وأما قولهم لازم المذهب ليس بمذهب فمحمول على اللازم الخفي. قوله: (كإلقاء مصحف بقذر) أي فيما يستقذر وظاهره ولو كان الالقاء لخوف على نفسه وهو كذلك إذا كان بدون القتل لا به فإذا سرق مصحفا وخشي على نفسه من بقائه عنده فألقاه في القذر فيكفر بذلك إذا كان خوفه بدون القتل لا به.
قوله: (أو تلطيخه به) أي بالقذر ولو طاهرا وهذا بخلاف تلطيخ الحجر الأسود أو البيت فإنه لا يكون ردة إلا إذا كان التلطيخ بالنجاسة وما ذكره من أن تلطيخ المصحف بالقذر ولو طاهرا ردة ظاهر إذا لم يفعل ذلك لضرورة، أما إن بل أصابعه يريقه بقصد قلب أوراقه فهو وإن كان حراما لكن لا ينبغي أن يتجاسر على القول بكفره وردته بذلك لأنه لم يقصد بذلك التحقير الذي هو موجب للكفر في مثل هذه الأمور، ومثل هذا من رأي ورقة مكتوبة مطروحة في الطريق ولم يعلم ما كتب فيها فإنه يحرم عليه تركها مطروحة في الطريق لتوطأ بالاقدام وأما إن علم أن فيها آية أو حديثا وتركها كان ذلك ردة كما قاله المسناوي اه بن. قوله: (ومثل ذلك) أي مثل إلقاء المصحف في القذر في كونه ردة تركه أي المصحف به أي بالقذر. قوله: (إن وجده به) أي وحينئذ فيجب ولو على الجنب رفعه منه. قوله: (ومثل القرآن) أي مثل إلقاء القرآن في كونه ردة إلقاء أسماء الله الخ وأسماء الأنبياء إذا كان ذلك بقصد التحقير والاستخفاف بها بأن يلقيها من حيث كونها اسم نبي لا مطلقا وقوله وأسماء الأنبياء أي المقرونة بما يدل على ذلك مثل عليه الصلاة والسلام لا مطلقا. قوله: (وإن كان على وجه صيانته) أي أو كان حرقه لأجل مريض فلا ضرر فيه كما في المج. قوله: (والمراد به ملبوس الكافر الخاص به) أي فيشمل برنيطة النصراني وطرطور اليهودي. قوله: (إذا فعله حبا فيه وميلا لأهله) أي سواء سعى به للكنيسة ونحوها أم لا سواء فعله في بلاد الاسلام أو في بلادهم فالمدار في الردة على فعله حبا فيه وميلا لأهله كما في بن عن ابن مرزوق خلافا لمن قيد كلام المصنف بالسعي به للكنيسة وبفعله