حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٤ - الصفحة ٢١٩
واعلم أن جعل مسألة المصنف هذه من باب غريم الغريم غريم إنما يظهر بالنظر لعجزها وهو قوله وللمقضي له ذلك الخ تأمل. قوله: (وللمقضى عليه مطالبتهما بالدفع للمقضى له) فإذا أشهد بمائة لزيد على عمرو وحكم بذلك ثم رجعا فلعمرو مطالبتهما بدفع المائة لزيد خلافا للحنفية حيث قالوا لا يؤمر الشاهدان بالدفع حتى يؤدي المقضى عليه وفي هذا تعريض لبيع داره وإتلاف ماله. قوله: (وللمقضي له الخ) أي خلافا لابن المواز القائل لا يلم الشاهدين غرم للمقضي له إذا طالبهما لاحتمال أن المقضي عليه لو حضر من غيبته لأقر بالحق فلا يغرمان كذا وجه به كلام الموازية وهو لا يظهر في الموت والفلس مع جعل التعذر شاملا لهما ونص الموازية إذا حكم بشهادتهما ثم رجعا فهرب المقضي عليه قبل أن يؤدي فطلب المقضي له أن يأخذ الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم لم يلزمهما غرم حتى يغرم المقضي عليه فيغرمان له حينئذ ولكن ينفذ الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم هرب أو لم يهرب فإن غرم أغرمهما. قوله: (فإن لم يتعذر الخ) قد استفيد منه أن غريم الغريم إنما يكون غريما إذا تعذر الاخذ من الغريم وإلا فلا يكون غريما باتفاق. قوله: (على تعارض البينتين) هو اشتمال كل منهما على ما ينافي الأخرى. قوله: (وقال الآخر) أي وهو المسلم وقوله بل هذين الثوبين أي المغايرين للثوب الأول. قوله: (وأقام كل بينة) أي شهدت له بغير ما شهدت به بينة الآخر وقوله فإنه يقضي بالثلاثة إلا ثوب في مائتين أي ويحملان على أنهما سلمان شهدت كل بينة بواحد منهما وظاهر القضاء بالأثواب الثلاثة كانت البينتان بمجلسين أو بمجلس أما إذا كانتا بمجلسين فالقضاء بالثلاثة باتفاق وأما إذا اتحد المجلس ففيه خلاف فقال ابن عبدوس إذا اتحد المجلس كان ذلك تكاذبا. وقال بعض القرويين أنه لا فرق بين المجلسين والمجلس الواحد لان كل بينة أثبتت حكما غير ما أثبتته صاحبتها ولا قول لمن نفي ما أثبته غيره وقوله وأما كل بينة أي فلو لم يقيما بينة تحالفا وتفاسخا. قوله: (وإلا فكيف الخ) قد يقال هذا أمر جر إليه الحال فكأنه من جملة ما ادعاه فهو ملحق بما ادعاه وتوضيحه أن البينتين لما كانتا معمولا صار المسلم كأنه ادعى المائتين وشهد له بهما بينة وبينة المسلم إليه وصار المسلم إليه كأنه ادعى الأثواب الثلاثة وشهدت له بينة وبينة المسلم. قوله: (أي يرجح بسبب ذكر سبب الملك) هذا الحل تبع فيه الشارح ابن غازي قائلا بنحو هذا فسر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب وحله بهرام بحل آخر فقال وإلا يمكن الجمع رجحت إحدى البينتين على الأخرى بسبب كون الأخرى ذكرت سبب الملك. فحاصله أنه إذا شهدت إحداهما بالملك فقط والأخرى بالسبب فقط قدمت الشاهدة بالملك على الشاهدة بالسبب وهذا وإن كان صحيحا في نفسه لأنه قول أشهب واقتصر عليه في التوضيح لكنه بعيد من كلام المصنف إذا المتبادر من كون الكلام في المرجحات أن يكون ذكر السبب مرجحا لا أنه مضعف. وحاصل ما في المقام أنه إذا شهدت بينة أن فلانا صادها أو نسجها أو أنها نتجت عنده وشهدت بينة أخرى بالملك المطلق أي أنها ملك لفلان ولم تذكر سبب الملك، فقال أشهب تقدم بينة الملك فقد يولد في يده ما هو لغيره وقد ينسج لغيره وقد يصيد ما هو مملوك لغيره، وقال ابن القاسم تقدم بينة السبب ويحمل الامر على أنها كانت له حتى يثبت كونها وديعة أو غصبا أو أنه كان ينسج له بالأجرة، واقتصر في التوضيح على كلام أشهب وصوب اللخمي كلام ابن القاسم ونقل ابن عرفة تصويب اللخمي وأقره الشارح بهرام حمل المصنف على هذه الصورة ومشى على كلام أشهب تبعا للتوضيح. قوله: (لكن إحداهما ذكرت الخ) أي فهي شاهدة
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست