والأولى ما قالته الجماعة لان الأقل تبع للأكثر في أكثر الاحكام. ونقل شيخنا زكرياء في شرح الفصول عن القاضي أظنه الماوردي أنه قال: أسكت أبو حنيفة أبا يوسف في الخنثى فإنه سأل أبا حنيفة بم تحكم في الخنثى؟ فقال: بالبول. فقال: أرأيت لو كان يبول بهما؟
فقال: لا أدري. فقال أبو يوسف: لكني أدري، أحكم بأسبقهما. فقال: أرأيت لو استويا في الخروج؟ فقال: أحكم بالكثرة. فقال أبو حنيفة: أيكال أم يوزن؟ فسكت أبو يوسف انتهى.
وقد صرح الشافعية بأنه يحكم بالمتأخر إذا استويا في الخروج، وأما إذا سبق أحدهما فالحكم له ولو تأخر الآخر، ولو بال من أحدهما مرة ومن الآخر أخرى أو سبق أحدهما تارة والآخر أخرى، فالعبرة بالأكثر، فإن استويا فمشكل والله أعلم. فإن لم يتبين في البول أمر أمهل إلى البلوغ فإن أمنى من أحد الفرجين فواضح، أو حصل حيض أو حمل أو نبتت له لحية أو ثدي حكم له بما يقتضيه. قال العقباني: ولا شك أن أقوى ذلك الولادة، فإن حصل ولادة من البطن قطع بالأنوثة، أو من الظهر قطع بالذكورة إلا أنها لا يكاد يقطع بها. وقيل: إنها نزلت بعلي رضي الله عنه وهي أن رجلا تزوج بابنة عمه وكانت خنثى فوقعت على جارية لها فأحبلتها فقال له علي: هل أصبتها بعد إحبال الجارية؟ قال: نعم. قال علي: إنك لأجرأ من خاصي الأسد فأمر علي بعد أضلاع الخنثى فإذا هو رجل فزياه بزي الرجال. وانظر لو وقع مثل هذا فإن وقعت الولادة من الظهر والبطن فالظاهر عندي أن الحكم لولادة البطن لأنها قطعية. وقد روي عن قاسم بن أصبغ أنه رأى بالعراق خنثى ولد له من صلبه وبطنه.
قال العقباني: وانظر أي نسب بين المولودين وهل بينهما توارث؟ والظاهر لا نسب بينهما ولا ميراث. وفي جواز النكاح بينهما إن كان ذكرا أو أنثى نظر انتهى.
قلت: ما ذكره من أنه إذا وقعت الولادة من الظهر والبطن فالظاهر عنده أن الحكم لولادة البطن، فكأنه لم يطلع على كلام المقدمات المتقدم ذكره في الوجه العاشر من أنه يرث من ابنه لصلبه ميراث الأب كاملا ومن ابنه لبطنه ميراث الام كاملا، وأما ما ذكره من الحكم بين المولودين فقال في التوضيح: قال أبو عبد الله بن قاسم: ورأيت لمالك في بعض التعاليق أن مثل هذين لا يتوارثان لأنهما لم يجتمعا في ظهر ولا بطن فليسا أخوين لأب ولا أم انتهى.