قال ابن رشد: هذا كما قال إن الوصي يكشف عما جعل إليه من تنفيذ الوصية بالصدقة وغير ذلك مما لا يبقى فيه منفعة للورثة إذا كان سفيها معلنا مارقا يبين ما تقدم من قوله في سماع ابن القاسم في أنه ليس للورثة أن يقوموا معه في تنفيذ الوصية إلا أن يكون مما يبقى له فيه منفعة كالعتق وشبهه. وقوله: أنه يكشف عن ذلك إذا كان سفيها معلنا مارقا معناه أنه يكلف إقامة البينة على تنفيذ الوصية، فأما إن لم يأت ببينة على ذلك وتبين نقيضه عليها أو استهضامه لها ضمه إياها وإن لم يكن بهذه الصفة من الاشتهار بالسفه والمروق واتهم استحلف، فإن نكل عن اليمين ضمن، وإن كان من أهل العدل والثقة لم تلحقه يمين وهو محمول على الثقة والعدالة حتى يعرف خلاف ذلك من حاله اه. وبالله التوفيق. ونص ما أشار إليه في أول سماع ابن القاسم. قال سحنون: أخبرني ابن القاسم قال: سمعت مالكا قال في الرجل يوصي بأن يعتق عنه وأن يحمل عنه في سبيل الله ويستخلف على ذلك وارثا، فيريد بعض الورثة أن ينفذ ذلك وينظر فيه معه قال: إن كان وارثا رأيت ذلك عليه، وإن لم يكن المستخلف وارثا فليس ذلك عليه إلا فيما تبقى منفعته للورثة كالعتق وما أشبهه. قال ابن رشد: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه أن الرجل إذا استخلف على تنفيذ وصيته وإرثا من ورثته فليس له أن يغيب على تنفيذ ذلك دون سائرهم ولمن قام مع ذلك أن ينفذ ذلك وينظر معه مخافة أن يكون أوصى إليه والوصية للوارث لا تجوز إلا أن يجيزها الورثة، سواء سمى الميت ما ينفذها فيه من عتق أو صدقه. قال في البيان: أو بما سوى ذلك من وجوه البر، أو كان قد فوض إليه حيث أراه الله وأنه استخلف على ذلك غير وارث فليس عليه أن ينفذ عليه شيئا من ذلك بحضرتهم، ولا لهم أن يكشفوه عن ذلك. قال في الرواية: إلا فيما تبقى منفعته للورثة كالعتق وشبهه، والمنفعة التي تبقى في العتق هو الولاء الذي ينجر عن المتوفى إلى من يرثه عنه فلا يختص بذلك الورثة دون غيرهم إذ قد يرثه من لا يتجر إليه من الولاء شئ وهم البنات والأخوات والزوجات والأمهات والجدات، وقد ينجر إلى من لم يرثه ممن حجب عن ميراثه من الإخوة والعصبة فألحق في كشف الوصي الأجنبي عن العتق إنما هو ممن يتجر إليه الولاء عن الميت وإن لم يكن وارثا، ولا كلام لمن ينجر إليه الولاء عنه، وإن كان وإرثا له. والذي يشبه العتق في بقاء المنفعة للورثة هو الإخدام والتعمير والتحبيس. فأما الإخدام والتعمير فالحق فيه لجميع الورثة لان المرجع في ذلك إليهم، وأما التحبيس فمنه ما يرجع إلى أقرب الناس بالمحبس، ومنه ما يختلف هل يرجع إلى ورثته أو إلى أقرب الناس به، فالحق في بالمحبس الذي يرجع إلى أقرب الناس بالمحبس لمن رجع إليه منهم، والحق في الحبس الذي يختلف هل يرجع إلى ورثته أو إلى أقرب الناس إليه لجميع ورثته وأقاربه من الرجال والنساء من قام منهم كان له كشفه عنه حتى يعلم أنه قد أنفذه لما قد يكون له فيه من المنفعة باتفاق أو على الخلاف. وهذا في الوصي المأمون، وأما غير المأمون فيكشف عن الوصايا من العتق والصدقة بالعين وغير ذلك على ما قاله
(٥٦٣)