مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٥٦٢
بيع من الربع من المواريث أكثر من نصيب الميت، وتبين ذلك وثبت ووجب له الرجوع بالثمن في التركة إذا لم يحز سائر الاشراك بيع الزائد، فأخذ من كل وارث مصابه وبقي ما للثلث وقد فرق كما ذكر. فأجاب: لا ضمان على الوصي فيما نفذه مما يجب من الثمن للحصة الزائدة على حق الميت، ويرجع المبتاع بما ناب الموصي من ذلك ويرجع هو على من وجد من الموصى لهم المعينين، وتكون المصيبة منه فيمن لم يجد منهم وفيما فرق على المساكين غير المعينين على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك الذي نعتقد صحته وبالله تعالى التوفيق انتهى.
مسألة: قال ابن رشد في نوازله في باب الوصايا: إذا أوصى بوصية أفك أسير أو غير ذلك وجوه البر وجعل تنفيذ الوصية إلى رجل أجنبي أو وارث وشرط في تنفيذ الوصية دون مشورة قاض ولا تعقب حاكم، فلا يجوز لاحد من القضاة والحكام أن يتعقب شيئا من ذلك ولا ينظر فيه، والامر في ذلك للورثة، فإن كانت الوصية مما يبقى لهم فيه منفعة كالعتق وشبهه كان لهم أن يقوموا حتى يعلموا أنها قد نفذت، كان المتقدم لها وارثا أو أجنبيا. وإن كانت الوصية مما لا يبقى لهم فيه منفعة كالصدقة فلا قيام لهم في ذلك إلا أن يكون المنفذ وارثا انتهى. قال في النوادر أيضا قبل ذلك بنحو الورقة في باب الوصايا: سؤال سأله عنه القاضي عياض ونصه المقدم على تنفيذ ثلث الميت إذا أراد مقاربة الورثة ومسامحتهم وقد جعل له في التقديم أنه لا اعتراض عليه من حاكم وغيره بوجه من الوجوه، هل للحاكم النظر في تحصيل الثلث والحوطة عليه ثم بعد ذلك يفوض نظره إليه إذ التفويض إنما هو في التفريق وحده أم لا سبيل للحاكم إليه؟ فأجاب: لا يجوز للمقدم على تنفيذ الثلث مقاربة الورثة ولا مسامحتهم في ذلك، وإن اتهمه القاضي بذلك شرك معه من يثق به في تحصيل الثلث، ثم يكل تنفيذ ذلك إليه في الوجوه التي جعل تنفيذها فيه أو بما يراه باجتهاده إن كان فوض إليه النظر في ذلك لقول الموصي، ولا اعتراض عليه من حاكم ولا غيره. وهذا في الوصي المأمون، وأما في غير المأمون الذي يخشى عليه على الوصية ولا ينفذها فيكلفه إقامة البينة على تنفيذها على معنى ما وقع في سماع أشهب من كتاب الوصايا، فإن لم يأت بالبينة على ذلك ضمن إن كان سارقا معلنا، وإن كان متهما ولم يكن بهذه الصفة استخلف ولم يضمن إلا أن ينكل عن اليمين.
وإن كان مأمونا لم تكن عليه يمين وهو محمول على أنه مأمون حتى يثبت أنه غير مأمون انتهى. وما ذكره عن سماع أشهب هو في رسم الوصايا من كتاب الوصايا الثاني ونصه:
وسمعته يسأل عمن أوصى إلى رجل بوصايا من عتق وصدقه وغير ذلك فأراد الورثة أن يكشفوه عنها وأن يطلعهم عليه فقال: أما الصدقة فليس لهم أن يكشفوه عنها إذا كان غير وارث إلا أن يكون سفيها معلنا مارقا فيكشف عن ذلك، ولهم أن يكشفوه وإن كان غير وارث ولا سفيه عن العتق لان ذلك يعقد لهم الولاء. فأما إذا كان الموصى إليه سفيها معلنا فأرى أن يكشف عن ذلك كله، فإن من الأوصياء من يقبض عن الوصية فلا ينفذ منها شيئا.
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 ... » »»
الفهرست