وليس للامام أن يعفو عن أحد من المحاربين ولكن يجتهد في نفيه وضربه فظاهره أو نصه ثبوت الضرب انتهى.
تنبيهات: الأول: قدر الضرب موكول إلى اجتهاد الامام كما في نص المدونة الذي ذكره ابن عرفة. وقال أبو الحسن في شرح قوله: ولكن يجتهد الامام في ضربه ونفيه. أما في ضربه فعلى قدر جرمه وكثرة مقامه في فساده، وأما في نفيه فإن كان كثير الفساد نفاه إلى بلد بعيد، وإن كان قليل الفساد فإلى بلد قريب، وأقله ما تقصر فيه الصلاة وهو يوم وليلة انتهى.
وقال في التوضيح: قال ابن القاسم في الموازية: وليس لجلده حد إلا الاجتهاد من الامام انتهى.
الثاني: نصوص المذهب صريحة في أن المحارب إذا نفي سجن في البلد الذي ينتفى إليه، سواء كان يخشى هروبه أم لا. وما حكاه الشيخ عبد الرحمن الثعالبي في تفسيره لما تكلم على آية المائدة من التفصيل بين من يخاف هروبه أو لا يخاف هروبه خلاف المعروف من المذهب والله أعلم.
الثالث: وهل يجعل في عنقه الحديد؟ انظر تبصرة ابن فرحون. ص: (وبالقتل يجب قتله) ش: يريد أو الصلب. قال في المقدمات: وأما إن قتل فلا بد من قتله ولا تخيير للامام في قطعه ولا في نفيه وإنما له التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف اه. انظر آخر كلامه فإنه يناقض أوله. ونقله أبو الحسن ولم ينبه عليه، وله نحو ذلك في سماع عيسى من كتاب المحاربين. وقد قال في كتاب المحاربين من المدونة: وإذا أخذه الامام وقد قتل وأخذ المال وأخاف السبيل فليقتله ولا يقطع يده ورجله والقتل يأتي على ذلك كله، فأما الصلب مع القتل فذلك إلى الامام بأشنع ما يراه انتهى. قال أبو الحسن: قوله ولا يقطع يده ورجله خلافا لأبي مصعب والقتل يأتي على ذلك كله كما إذا كان حدان، أحدهما القتل فيكون الآخر داخلا في القتل، فلعله أشار إلى أبي حنيفة في قوله إن قتل وأخذ المال فالامام مخير إن شاء قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله، وإن شاء قطع يده ورجله سن خلاف ثم صلبه، وإن شاء قتله من غير صلب ولا قطع انتهى. وقع في عبارة الرجراجي نحو ما وقع في عبارة ابن رشد فقال: إن قتل فلا بد من قتله وليس للامام في ذلك تخيير، لا في قطعه ولا في نفيه. وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو نفيه انتهى. فأول كلامه يناقض آخره فتأمله، ولا شك أنه سهو وتصحيف.
وأما كلام ابن رشد فإن حمل على أنه أراد أن الامام مخير في قتله وفي قطع يده ورجله من خلاف من غير قتل، فلا شك أنه سهو لأنه قد نفى ذلك. وإن حمل على أنه أراد أن الامام مخير بين قتله من غير صلب ولا قطع وبين صلبه مع قتله وبين قطع يده ورجله ثم قتله، فهو